بصراحة: قراءة إضافيّة للمؤتمر الصحفيّ للنقابات!!
أشرنا في العدد السابق من صحيفة «قاسيون» إلى مضمون المؤتمر الصحفيّ الذي عقده رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في سوريّة، والذي حدد فيه الخطوط العريضة لتوجه النقابات فيما يخص الأمور الأساسيّة نقابيّاً وعماليّاً؛ ولكن ما نود التركيز عليه فيما جرى طرحه في المؤتمر قضيتين عماليتين لهما علاقة مباشرة بحقوق الطبقة العاملة السورية،
والقضيتان هما: الأجور وزيادتها، وقد أوضحنا موقفنا منها في العدد السابق، والأخرى موقف النقابات من الحكومة، الذي نرى فيه نقطة الانطلاق الأولى في الدفاع عن الحقوق والمطالب العماليّة طالما أن الحكومة تتبنى البرنامج الليبراليّ اقتصاديّاً واجتماعيّاً المنحاز كليّاً لجهة تحقيق مصلحة قوى السوق والفساد الكبير، وهذا بحد ذاته يتناقض مع الحقوق الأساسيّة للطبقة العاملة السوريّة التي أضرت بها تلك السياسات ضرراً كبيراً من خلال إضعاف القطاع العام الإنتاجيّ وتحجيم دوره الاقتصاديّ والسياسيّ، والتفريط بالقطاع الزراعيّ الاستراتيجيّ الذي يؤمن المادة الأوليّة للكثير من الصناعات؛ وإلغاء الدعم عن المواد الغذائيّة الأساسيّة عبر رفع أسعارها بشكل متتاليّ، مما رتب أعباءً إضافيّة على الطبقة العاملة وعموم الفقراء، بحيث ازدادت نسب الفقر المطلق، وارتفعت نسب البطالة التي كانت مرتفعة بالأساس قبل الأزمة؛ وتم تشريد آلاف العمال من القطاع الخاص تعسفيّاً بسبب قانون العمل رقم 17 الذي مكن أرباب العمل من استخدامه كسلاح فتاك للتحكم بمصير العمال وتشريدهم على طول البلاد وعرضها!!.
إن الموقف الوطنيّ للطبقة العاملة تاريخيّاً، وإلى الآن لا يحتاج إلى تأكيد.. بل هو متجذر بالرغم مما تحمله، ويتحمله العمال من مآسٍ وآلام قبل الأزمة وأثنائها؛ وبالتالي فإن الموقف الوطنيّ للعمال لا يتناقض أو يتعارض مع حق العمال والنقابات بمواجهة السياسات الليبراليّة التي من المفترض القطع الكليّ معها من أجل إيجاد نموذج اقتصاديّ مقاوم يعبر سياسيّاّ واقتصاديّاً عن مصلحة الفقراء، وفي مقدمتهم الطبقة العاملة وهذا يتطلب مستوىً متقدماً من الحريّات النقابيّة والديمقراطيّة تتطلبها المعركة التي من المفترض أن تخوضها النقابات والطبقة العاملة دفاعاً عن الوطن على أساس المصالح الجذريّة للطبقة العاملة، وليس على أساس التوافق الجزئيّ أو الكليّ مع برنامج الحكومة الليبراليّ الاقتصاديّ - الاجتماعيّ، التي تسعى بشكل متسارع ومحموم، وكأنها في سباق مع الزمن لتثبيت برنامجها ونهجها الاقتصاديّ عبر تصدير مجموعة من المراسيم والتشريعات والقرارات تحضيراً للمرحلة القادمة التي سيكون الصراع فيها شديداً على المصالح بين الذين يملكون والذين لا يملكون!!.