هل سنودّع المادة (137) في التعديلات المرتقبة؟

هل سنودّع المادة (137) في التعديلات المرتقبة؟

كثيرة هي المقالات التي تناولت المادة (137) من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004 وتعديلاته؛ والتي تمنح بموجبها رئيس مجلس الوزراء صلاحية تسريح أيّ عامل بشكل تعسّفي.

 وكنا قد ذكرنا في مقالات سابقة مدى خطورة هذه المادة، وكيف؟ وعلى من يتم استخدامها في بلدنا. وأذكر أنه أثناء مناقشة هذه المادة في مجلس الشعب قبل إقرارها، كتَبَ بعض ممّن امتهن الدفاع عن قرارات الحكومة بعجرها وبجرها، أنه لا مناص من منح جهة ما مسؤولة بصرف أيّ عامل من الخدمة دون ذكر الأسباب أو حتى دون إحالته إلى القضاء. وذلك بسبب فهلوية الفاسدين وحنكتهم في إخفاء معالم ارتكاباتهم وسرقاتهم؛ وبالتالي لا يمكن تجريمهم عن طريق القضاء. فكيف والحال هذه محاسبة هؤلاء البشر؟ هل نتركهم يسيدون ويميدون ونحن نقف مكتوفيّ الأيديّ نتفرّج عليهم صاغرين عاجزين؟ بالتأكيد لا.. ولما كان الرمد أفضل من العمى، فالحلّ برأيّ هؤلاء الجهابذة هو بتسريحهم من أعمالهم.. (هون حفرنا وهون طمرنا)..
حيتان الفساد
أذكر أننا كتبنا.. وقلنا لهم إن محاسبة الفاسدين (الشاطرين) والذين استطاعوا بمهاراتهم إخفاء الأدوات والوسائل الجرميّة التي استخدموها في الحصول على ثرواتهم. ليس في وسعهم إخفاء مظاهر الثراء الفاحش الذي ينعمون به. ويمكننا ببساطة أن نحاكمهم استناداً لسؤال: (من أين لكم هذا؟) وبعيداً عن جواب: (هذا من فضل ربيّ). وكم كنت أتمنى لو أن لديّ معلومات إحصائيّة عن الذين تم تسريحهم بموجب المادة الآنفة والسيئة الذكر(عددهم، مناصبهم، انتماؤهم السياسيّ، نظافتهم، تورطهم..) ورغم عدم وجود أيّة إحصائيّة حول هذا الموضوع. إلا أنه ومن خلال محاربتنا لهذه المادة تاريخيّاً، ومن خلال رصدنا لتطبيقاتها، فإننا نجزم أن أكثريّة من استُخدِمت هذه المادة ضدهم كانوا من العمال الشرفاء، أو من حلقات الفساد الصغيرة، أو بدوافع كيديّة أو لمحض افتراءات. فكانت هذه المادة باختصار سيفاً مسلطاً عليهم، سرعان ما يُستلّ ويُشرع بوجه كل من تسوّل له نفسه الوقوف في وجه حيتان الفساد.
المحاكمات العلنيّة
إن خطورة هذه المادة تكمن في التسريح الكيفيّ غير المنضبط بمعايير أو أسباب موجبة، وغالباً لأسباب لا تتعلق بالنزاهة أو بأخلاق الوظيفة، فتسبّب للمصروف من الخدمة مساساً بكرامته ونيلاً من سمعته إضافة إلى ظلمه.
إننا نرى ضرورة أن يُشَهّربالفاسد وارتكاباته عبر محاكمة علنيّة شفافة وعادلة ومتلفزة. أما أن نشرّع نصّاً يتيح لصاحب القرار إصدار قرار غير معلّل بأسباب واضحة ومحددة لصرف العامل من الخدمة، فهذا من شأنه أن يلحق الظلم والجور بالعامل!!.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: أيهما أنجع في محاربة الفساد، القرارات الفوقيّة الغامضة أم الإحالة إلى القضاء والمحاكمات العلنيّة؟!.
إن الأحكام الصريحة الواضحة هي التي تساعد على إيجاد ثقافة عامة مناهضة للفساد وعقوبات تردع المفسدين وتلجم ضعاف النفوس. علماً أن ظاهرة الفساد كانت وما زالت واسعة الانتشار في سورية مع وجود هذه المادة وسطوتها، ولم تنجح عمليات الفصل التعسفيّ بسبب عدم النزاهة في الحدّ من هذه الظاهرة وتخفيف آثارها السلبية.
فهل ستحذف هذه المادة كما يأمل مئات الآلاف من العمال، أم سيغيّر رقمها فقط كما كان يحصل سابقاً؟!.