بصراحة: بدنا نشتغل
عند مروري صباح هذا اليوم بالقرب من معمل «تاميكو» للأدوية ذكرني بالأيام السابقة حين كان المعمل محاصراً من قبل المسلحين من مسافات قريبة والجيش من داخله يقاومهم، والعمال ينتجون وهم بحماية الجيش وإدارة المعمل خارجه تشرف على الإنتاج بواسطة جهاز تحكم عن بعد لا تعلم ما يجري على أرض الواقع من أهوال يتعرض لها العمال، ومن احتمالات موت حقيقي جراء القصف والاشتباكات ولكن الأهم أن المكافآت والامتيازات لم تنقطع بالرغم من الأزمة الحاصلة لبعض المحظيين، والمقربين، ولكن السؤال الأهم الذي يطرح باستمرار لماذا لم يتخذ قرار نقل المعمل حيث كان الظرف والإمكانيات الفنية والبشرية متاحة؟
المعمل الجديد البديل صغير يعمل به عدد قليل من العمال على بعض الآلات التي استطاع العمال الفنيون تفكيكها ونقلها، ولكن لم يستمروا لأسباب لابد من التحقيق فيها ومعرفة ملابساتها وخلفياتها الحقيقية، والمعمل محدث منذ أكثر من عام بديلاً للمعمل الأساسي الذي استولى عليه المسلحون وقاموا بتدميره بطريقة أقل ما يقال فيها إنها همجية حيث خسر الوطن معملاً من أهم المعامل المنتجة للأدوية وأغذية الأطفال في سورية، والذي له صلة مباشرة بحياة الناس كونه كان يقدم لهم الدواء الرخيص والمضمون الفعالية خلافاً لبعض معامل القطاع الخاص التي كان همها الربح والربح فقط
مع العلم أن هذا المعمل كان يمكن إنقاذه ونقله لمكان آخر آمن يعاد تركيبه وتجميعه مرةً آخرى، ولكن سلوك إدارة المعمل والإدارات العليا المسؤولة عن إدارة هذا القطاع الحيوي حال دون ذلك.
المعمل الجديد يقع ضمن منطقة اشتباكات عنيفة، والأصوات تهز المكان ولكن العمال ينتجون بما تبقى بين أيديهم من آلات وهم مصرون على الحضور إلى العمل بالرغم من المخاطر التي تحيط بالمكان، وعند سؤالي لإحدى العاملات عن ظروف العمل الحالية في ظل الاشتباكات أجابتني بدنا نشتغل، وهذا الموقف ليس بجديد على الطبقة العاملة التي قدمت مئات الشهداء بل تجاوز العدد الآلاف من الشهداء وهذا تعبير حقيقي عن الموقف الجذري الوطني للطبقة العاملة منذ نشآتها وحتى هذه اللحظات العصيبة التي يمر بها وطننا، حيث يتطلب الموقف استنهاض كل القوى الوطنية بما فيها الطبقة العاملة دفاعاً عن الوطن في مواجهة القوى الإمبريالية والرجعية العربية وقوى الفساد الكبير.