النضال الطبقي الموجه ضد البطالة.. مكافحتها من أجل عمل لائق ضرورة موضوعية
اختارت الأمانة العامة لاتحاد النقابات العالميّ، النضال ضد البطالة كهدف مركزي في يوم الحراك العالمي لعام 2014. ولم يكن هذا الاختيار عشوائيا، فالبطالة اليوم هي المشكلة الأكبر والأكثر خطورةً للطبقة العاملة الدولية في كامل العالم الرأسماليّ.
هناك الملايين والملايين عاطلون عن العمل، هؤلاء الذين حُكم عليهم بالفقر وحُرموا حتى من الأساسيات، يعمل الملايين كعبيد في الأعمال غير المسجلة والأعمال لبعض الوقت، والأعمال بالعقود الثانوية بشروط عمل وأجور حقيرة؛ ولدى كل أسرة فرد عاطل عن العمل، وهذا ما يجعل المشكلة عامة.
يستغل البرجوازيون وحكوماتهم هذه المشكلة لمصلحتهم الخاصة، فهم يقلّصون الرواتب ويخفضون من الإعانات الاجتماعية، ويفرضون تطورات لمصلحة الاحتكاريين، حيث تنعدم الحقوق العمالية والرواتب السيئة، وانعدام ساعات العمل الثابتة، وانعدام الضمان الاجتماعيّ والتخصص .
لماذا من أجل البطالة؟
من هنا تُصر الأمانة العامة لاتحاد النقابات العالميّ على أن النضال ضد البطالة، هو المهمة الرئيسة للطبقة العاملة، وجميع المنظمات النقابية. فالنضال الطبقيّ الموجه هو فقط من يستطيع خلق مخرج من الوضع الحاليّ لمصلحة العاطلين عن العمل، والشعب العامل والطبقات الشعبية. ويجب على الطبقة العاملة التحالف مع الفلاحين الفقراء، وأصحاب المهن الحرة والسكان الطبيعيين والمفكرين التقدُميين، عليهم بالمطالبة بحلول ودية للشعب من أجل اليوم والغد.
في آسيا وأمريكا الجنوبية والشمالية وأوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط واستراليا، تُعدُّ البطالة اليوم سمة متوارثة للرأسمالية، فهي جزء من «dna» الخاص بها. نتيجة للأزمة الرأسمالية الدولية، ونسبة البطالة المتزايدة في كل البلدان.
لقد جاءت دعوة اتحاد النقابات العالميّ جميع المنظمات النقابية للمشاركة في يوم الحراك العالميّ للدفاع عن حق العمل، وحق العمل اللائق، والمطالبة بالتدابير الفورية لحماية العاطلين. إذ دعا الاتحاد أعضاءه في الثالث من الشهر الجاريّ لعام 2014 ملايين العمال حول العالم للمشاركة في الأنشطة والمبادرات وصفوف الاعتصام والاحتجاجات، والمظاهرات والإضرابات في كل البلدان حول العالم.
كم عدد العاطلين عن العمل؟
على الرغم من أن البطالة جرح عميق للطبقة العاملة حول العالم، فلا يمكننا تحديد الأرقام الفعلية للمشكلة، فالطرق والإحصائيات التي تراقب البطالة غير موثوق فيها كونها أدوات للخدع الحكومية والسياسية من اجل التلاعب بالرأي العام؛ فالأرقام منبثقة بشكل مناسب بناء على مطالب الحكومات وأرباب العمل. إذ يتم اختيار البيانات الاحصائية الرسمية بناء على تحديد منظمة العمل الدولية، وطبقا لهذا التصنيف يمثل معدل البطالة للأشخاص العاطلين عن العمل كنسبة للأيدي العاملة. والتي هي مجموع الأفراد العاملين والعاطلين، ويتضمن الأفراد العاطلين الأعمار ما بين 15 الى 74 الذين على ثلاثة مراتب:
• بدون عمل خلال الأسبوع المشار إليه.
• المتوفرون لبدء عمل خلال الأسبوعين القادمين.
• الذين يبحثون عن عمل بجدية خلال الأسابيع الأربع الماضية، أو وجدوا عملاً بالفعل ويبدؤون خلال الثلاث أشهر القادمة.
وطبقا لبيانات منظمة العمل الدولية لعام 2012، يوجد أكثر من 197 مليون عاطل حول العالم، أي بنسبة 6% من إجمالي القوى العاملة العالمية.
طويلة الأمد
من الواضح، أن تحديد منظمة العمل الدولية قد استثنت عدداً كبيراً من العاطلين، أو الأفراد الذين حُرموا من الأجر المعيشي، فعلى سبيل المثال، هؤلاء الذين عملوا حتى ولو لمدة ساعة في الأسبوع لجمع البيانات، والعمال الموسميين، والعاملين في الأعمال العائلية الذين لا يتقاضون أجراً، والعاملين الذين تقرر بأنهم لا يقدرون بدء العمل خلال الأسبوعين القادمين (على سبيل المثال، لأسباب صحية)، والعاملين الذين يشاركون في برامج التدريب المهنيّ أو يعملون في «فترة الامتياز للأطباء» ولا يتقاضون دخل للمعيشة، والعاملين الذين توقفوا عن التسجيل كباحثين عن عمل منذ فقدانهم الأمل للحصول على عمل بسبب البطالة طويلة الأمد، والفلاحين السابقين الذين فقدوا أراضيهم حديثا، ويبحثون عن وظيفة.
لماذا تتواجد البطالة؟
البطالة خاصية متوارثة للنموذج الرأسمالي للإنتاج، فقد تم تنظيم الإنتاج الرأسمالي بالأرباح كهدفهم الوحيد وليس لاحتياجات الناس. فالبطالة مفيدة لرأس المال، وتُستخدم للحفاظ على الخوف من الفصل، وابتزاز الطبقة العاملة من خلال خفض التدابير والمطالب في المفاوضة على سعر بيع يديها العاملة.
وباسم البطالة أيضا، تم انتهاك وإلغاء حقوق العمل والحقوق النقابية، وانتُهكت الثماني ساعات عمل اليومية، وتم تعزيز شروط عمل (مرنة)، وتم تنفيذ عقود عمل شهرية وأسبوعية ويومية، وتم تقنين عقود عمل احتياطية «متدنية» كنظام يوم عصريّ استعباديّ، تقديم تمويل الدولة للأعمال لاستئجار الأيدي العاملة، وتم تقديم إعفاءات ضريبية ضخمة للمؤسسات، بالإضافة إلى ذلك، البطالة ضرورية في الرأسمالية كمصدر احتياطيّ لا ينضب من العاطلين للأيدي العاملة المتوفرة لجميع الاختيارات الممكنة للاستثمار الرأسماليّ.
البطالة تتزايد بسرعة!!
في ظل ظروف الأزمة الرأسمالية الدولية، والنسبة المئوية المنتظرة لأرباح الرأسماليين من استثماراتهم الأقل مما كانت علية في فترة التنمية، أو ليست بالارتفاع المرغوب، فهذه واحدة من الأسباب لدمج الشركات أو تم اكتسابها، وتوقف الاستثمارات أو انتقلت إلى مكان آخر، فهناك إعادة ترتيب عامة، وتركيز ومركزية الإنتاج في إطار المنافسة، وانتقال الاستثمارات إلى بلدان أخرى بأيدي عاملة رخيصة أو استبدال مجال الاستثمار، وإغلاق العديد من الشركات المتوسطة والكبيرة الحجم.
وفى المطلق، يحتل تدمير القوى المنتجة لتؤثر بقوة على الطاقة الإنتاجية الأعظم مثل: الطبقة العاملة، إذ تم دفع الملايين من الأُجراء إلى البطالة عن طريق إغلاق الشركات، أو تطبيق الاصلاحات في القطاع العام، وتأثر المزيد من السياسات المناهضة للعمل، استقطاعات في الرواتب والمعاشات بالهجوم على الحقوق الاجتماعية والعملية. علاوة على ذلك، هجمات الإمبرياليتين والحروب الإمبريالية التي تُكثف من المشكلة وتفاقم الوضع.
التخلص من البطالة..
بكل تأكيد يمكن التخلص من البطالة، إذ يجب أن يكون ذلك هو الهدف لنضال الطبقة العاملة العالمية لأجل استئصال البطالة، وإلغاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، من أجل مجتمع يُتيح للناس الحصول على عمل وحياة ورعاية صحية كريمة؛ وتنمية بشرية على المستويات كافة للمجتمع البشري. وفى إطار هذا النضال، فإننا نكافح كل يوم، وفي كل مكان من أجل الحماية من البطالة.
تمتد الاحتياجات الاجتماعية المعاصرة للحشود الشعبية هذه الأيام، وفى الوقت ذاته تبقى الملايين من الأيدي العاملة الماهرة غير مستخدمة في البطالة، والاكتفاء من جميع الاحتياجات المعاصرة للشعب، ربّما تقدم أماكن استخدام أساسية، كذلك وقف الخصخصة، ربّما يولد وظائف، أو قد يوقف الفصل والاضطهاد.
إن التقدم التكنولوجيّ والعلميّ والتنمية لوسائل جديدة للإنتاج يمكنها التحسين بشكل قاطع من الظروف المعيشية والعملية، وكذلك خفض ساعات العمل اللازمة إلى 7 أو 6 ساعات في اليوم لجميع العاملين مع تحسين رواتبهم. ولكن على النقيض، ما يحدث اليوم حيث يختار الرأسماليون لاستغلال عامل واحد لـ 10 – 13 ساعة عمل، أو تقسيم الراتب الواحد والاستخدام إلى اثنين من العمال كعمل لبعض الوقت.
النضال اليوميّ
لقد صُدمت هذه السياسات بالفوضى في النموذج الرأسماليّ للإنتاج، إذ لا تتناسب الاستثمارات مع الاحتياجات الاجتماعية، ولكنها قررت طبقاً لنسبة الأرباح، إنها صُدمت بنهب الموارد المنتجة للثروة من التجمعات الاحتكارية والشركات متعددة الجنسية في بلدان أفريقيا وأمريكا اللاتينية وأسيا، وذلك بسبب القوة في أيدي البرجوازية وممثليها السياسيين.
ولهذا السبب، كان النضال اليوميّ جنبا إلى جنب للنجاة من عدم العمل، جنباً إلى جنب مع النضال ضد السياسات المولدة للمزيد من البطالة، فمن الضروريّ أن نساعد الطبقة العاملة الدولية للإدراك أنها فقط إذا وُضعت المسائل في أياديها الخاصة، يمكن الحصول على حلول حقيقية وكاملة.
وبهذا الإدراك، يُقدر اتحاد النقابات العالميّ، ويحمي حق العمل والنضالات من أجل القضاء على البطالة، ويكافح من أجل جميع المشاكل الكبيرة والصغيرة للشعب العامل. وفى الوقت ذاته، يُلقي اتحاد النقابات العالميّ الضوء على أن إلغاء البربرية الرأسمالية، واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وتكوين مجتمع حيث احتياجات الشعب، ولا يكون الربح هدفاً مركزياً لعملية صناعة السياسة، وحيث ستكون البطالة ذاكرة بعيدة.
ماذا نفعل اليوم؟
إن اتحاد النقابات العالميّ يطالب بالتدابير التالية لحماية العاطلين عن العمل:
- في إطار إعانات البطالة من ميزانية الدولة التي تضمن معايير معيشية كريمة للعاطلين وأسرهم طالما ظلوا دون عمل.
- رعاية صحية مجانية للعاطلين وأسرهم.
- تخفيضات ملحوظة في أسعار الطاقة والمياه والتدفئة، وكذلك تسهيلات في المتناول لوسائل النقل الشاملة.
- إعانات سكن (الإيجارات).
- تسهيلات مجانية للتعليم لأطفال العاطلين.
- تجميد أقساط وفوائد القروض.
- احتساب فترة البطالة كفترة تقاعدية.
أثناء الأزمة الرأسمالية الدولية، وبالأخص النقابات لديها مهمة خاصة للبقاء على الاتصال مع العمال العاطلين لإيجاد الطرق لتنظيم نضالاتهم، وتوحيدهم في النضال مع الشعب العامل ولتوجيه مشاكل العاطلين.
عن الأمانة العامة لاتحاد النقابات العالميّ