رندة جمعة رندة جمعة

«اليونيسيف» ترصد وتؤكد: ظاهرة تشغيل الأطفال السوريين في دول اللجوء تتزايد!!

باتت ظاهرة تشغيل الأطفال السوريين في دول اللجوء تنتشر بسرعة مخيفة، وخاصة في دول الجوار، التي أضحت تؤرق معها كاهل الحكومات، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية التي تعتني بالطفل وحقوقه، وتشغيل الأطفال ظاهرة تتجلى في إخضاع طفل قاصر لم يتجاوز سن البلوغ للعمل كيفما كان هذا الإخضاع سواء كرها أو تطوعا أو عرضا، وأسباب هذه الظاهرة كثيرة وتتجلى فــي:

أولاً الفقر الذي يعتبر أول عوامل ظاهرة تشغيل الأطفال التي تنتشر في كل بقاع العالم، ولهذا نراها بمستويات كبرى في دول العالم الثالث، وسورية ودول الجوار من هذه الدول إذ يضطر معها الأب إلى تشغيل أطفاله من أجل إعانة العائلة في قوت يومها، والتكفل بحاجيات البيت التي باتت مرهقة ومكلفة مع الأزمة بعامها الرابع، أو قد تكون العائلة بلا معيل بعد وفاة الوالد، وتكون الأم وحدها تحمل هموم البيت، وكل المتطلبات ولا تقدر معها على توفير كل الحاجيات، فتعمد إلى تشغيل طفلها عند عامل ورشة أو عند حرفيّ أو داخل مصنع، وإذا كانت طفلة تعمد إلى إدخالها للبيوت من أجل تنظيف البيوت، أو الأعمال المنزلية الشاقة.

فراغ وجهل

ثاني عوامل الظاهرة قد تكون في الفراغ الكبير الذي يقضيه الطفل في اليوم بعد تركه المدرسة، وذلك لأسباب مختلفة منها الاقتصادية وتكون بضعف قدرة رب الأسرة على تحمل تكاليف دراسة الأبناء أو بسبب تأثير العلاقات الاجتماعية التي تضغط على الأب وتمنعه من إرسال أبنائه للمدرسة، وبالتالي عدم معرفته بفوائد الدراسة، والحالة التي سيكون عليها نجله مستقبلاً. 

العامل الثالث من عوامل ظاهرة تشغيل الأطفال الجهل، ويكون بعدم معرفة الآباء قيمة الدراسة في عصرنا الحاليّ، و من المعيب أن هذا الجهل ما زال قائما حتى في القرن الواحد والعشرين، وذلك لعدم وجود توعية في هذا المجال، ولا عمليات تحسيس في القرى النائية خاصة والبعيدة عن الحضارة، ويبقى السؤال المطروح هو: ما نتائج وجود الطفل داخل العمل بدل تواجده بالمدرسة في ظل الأزمة التي عصفت بالبلاد؟!!.

عمال بعمر الورد

كان لافتاً رصد اللجنة الفنية المنبثقة عن اللجنة الوطنية الخاصة بشؤون الأطفال العاملين من اللاجئين السوريين في الأردن وجود نحو 282 طفلا سوريا عاملاً في مختلف الأعمال. وبحسب التقرير الدوريّ ربع السنويّ لوزارة العمل حول حقوق الإنسان، فإن العمل جار على تكثيف الزيارات الميدانية عبر مفتشي العمل في المحافظات، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من مخالفات وإنذارات بحق الجهات التي تشغل الأطفال بمن فيهم الأطفال السوريون.

بيد أن الأرقام التي رصدتها اللجنة لا تعكس واقعيا أعداد الأطفال السوريين العاملين، إذ يتوقع بأن يكون الرقم أعلى من ذلك بكثير، خصوصا في ظل عدم وجود دراسة مسحية شاملة وحديثة لأعداد الأطفال العاملين في الأردن. إذ تؤكد آخر دراسة مسحية رسمية جرّت حول عمالة الأطفال قبل نحو سبعة أعوام، حددت أعداد العاملين في المملكة منهم بنحو 33 ألفا، لكن هذا العدد يتوقع بأنه تضاعف نتيجة لما مرّت به الأردن من تغيرات، وتحديدا تلك المتعلقة بالأزمة السورية وموجة اللجوء السوريّ، فضلا عما تعيشه شريحة كبيرة من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة.

أرقام مذهلة

وبحسب إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" فإن أعداد اللاجئين من الأطفال السوريين في الفئة العمرية من 6-18 عاما يقدر بنحو 200 ألف طفل، منهم 120 فقط على مقاعد الدراسة، في حين إن نحو 80 ألفا يعدون متسربين عن الدراسة، ويرجح أن يكون غالبيتهم من (الذكور) منخرطين في سوق العمل، في حين يعد الزواج المبكر والخوف من الالتحاق بالمدرسة السبب الرئيسيّ لتسرب الفتيات من اللاجئات السوريات عن الدراسة.

وقالت "اليونيسف" في تقريرها إن نسبة زواج القاصرات بين اللاجئات السوريات بلغ في الربع الأول من العام الحالي 32%، مقارنة بـ 25 % العام الماضيّ. إذ صدر تقرير في 2013، عن هيئة الأمم المتحدة لتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين حول "العنف المبنيّ على النوع الاجتماعيّ وحماية الطفل في مجتمع اللاجئين السوريين"، أشار فيه إلى أن 47% من أسر اللاجئين السوريين في الأردن، أقرّت بعمل أحد أبنائها القاصرين، في حين يشكل دخل الأبن العامل القاصر الدخل الرئيسيّ لنحو 15% من تلك الأسر.

العنف الجسديّ والجنسيّ

ووفقا للدراسة، يشكّل الذكور نحو 85% من الأطفال العاملين، في حين تشكل نسبة الفتيات 15% فقط، وغالبيتهنَّ يعملنَّ في الزراعة أو عاملات منازل، وتعد هذه المهن من المهن الخطرة التي قد تعرضهنَّ للعنف الجسديّ والجنسيّ.

ويشكل عمل الأطفال جزءا من بنود التقرير الثانيّ حول أبرز متابعات وإنجازات وإجراءات الوزارة في مجال حقوق الإنسان، والذي يصدر عن الوزارات والمؤسسات بصورة دورية (ربع سنوية). وشمل التقرير عدة جوانب أبرزها إنجازات مديرية التفتيش، السلامة والصحة المهنية، عمل الأطفال، الشكاوى والخط الساخن، العاملين في المنازل، الاتجار بالبشر، وعمل المرأة.

السؤال هنا: ما الدور المطلوب من الجهات المعنية في رعاية الأطفال السوريين في دول اللجوء؟ وهل تحركت المنظمات والهيئات المهتمة بالداخل نحو هؤلاء الأطفال قبل أن يكونوا مشاريع فاشلة في صغرهم وكبرهم؟!!.

آخر تعديل على الأحد, 28 أيلول/سبتمبر 2014 11:20