أفكار حول الانتخابات النقابية العمالية
يدور جدل مهم بين النقابيين بمختلف مستوياتهم واتجاهاتهم السياسية حول العمل النقابي السابق، والتجربة التي مرت بها الحركة خلال أعوام الأزمة وما قبلها، وهذا الجدل يوضح شيئاً مهما على صعيد تبلور الآراء والمواقف التي من المفترض السير بها إلى الأمام في مواجهة الظروف والتعقيدات المختلفة التي تواجه الحركة النقابية في القضايا المفصلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية..
حيث يتطلب الموقف اتخاذ قرارات جريئة فيما يخص مجمل القضايا المتعلقة بالتوجهات الاقتصادية، والاجتماعية التي تسعى الحكومة لتثبيتها وفرضها كأمر واقع وجعلها كخيارات وحيدة من أجل القبول بها. ويتضح الفرز بين اتجاهين أساسيين في الحركة النقابية، هناك مواقف وسطية بينهما، ولكن كل هذا يدور بإطار الحفاظ على وحدة الحركة النقابية والعمالية، بل تعزيزها لأنها الأداة الوحيدة من أجل السير إلى الأمام من أجل الدفاع عن حقوق ومطالب الطبقة العاملة السورية.
الانتخابات النقابية وقرب موعدها يجعل النقاش يتصاعد حول القضايا المتعلقة:
أولاً: بقانونية الدعوة للانتخابات من القيادة الحالية للحركة باعتبار قانون التنظيم النقابي يجيز تأجيل البدء بالانتخابات لمرةٍ واحدة ولثلاثة أشهر، وهذا يطرح سؤالاً مهماً عن المرجعية القانونية المخولة بالدعوة للانتخابات طالما أن القيادة القديمة انتهت فترة صلاحيتها بقيادة العمل النقابي منذ عامين؟
ثانياً: الإشارات التي تصل من اتجاهات مختلفة تفيد بالتوجه نحو الحفاظ على الوضع النقابي كما هو وليس هناك من تغييرات حقيقية، والمبرر لهذا كما يقال أن الظروف لا تسمح؟
ثالثاً: الإبقاء على آليات الانتخابات السابقة التي تعتمد توزيع الحصص بين أحزاب الجبهة وفقاً للقائمة المغلقة التي يكون الانتخاب على أساسها فقط على المستقلين بينما الأعضاء الآخرون فهم ناجحون سلفاً بحكم المادة الثامنة من الدستور القديم.
رابعاً: قانون التنظيم النقابي يؤكد على الانتخاب كمبدأ أساسي في وصول الكوادر إلى المواقع القيادية سواء في القاعدة أم في القمة، وأي سلوك آخر مثل التعيين أو الترميم يعد مخالفاً لنص قانون التنظيم النقابي المفترض تغييره بما يتناسب مع الدستور الجديد بمادته الثامنة.
خامساً: أداء الحركة النقابية خلال الدورة السابقة الذي أدى إلى عدم القدرة على جذب عمال القطاع الخاص إلى المظلة النقابية بالرغم من القرارات النقابية المتخذة لتحسين عمل النقابات بين عمال القطاع الخاص على أساس الحوار مع أرباب العمل من أجل التنسيق معهم بتنسيب العمال في منشأتهم وإشراكهم في مؤسسة التأمينات الاجتماعية.
سادساً: موقف الحركة النقابية من مجمل القوانين الاقتصادية الليبرالية التي تصدرها الحكومة، وآخرها كان قانون التشاركية.
سابعاً: الموقف من قضية إصلاح القطاع العام وتطويره والدفاع عنه وإعادة تشغيله بما يعزز دوره السياسي والاقتصادي كقائد للاقتصاد الوطني.
ثامناً: الموقف من قوانين العمل الجاري تعديلها من قبل وزارة العمل خاصةً قانون العمل رقم17 الذي كان ضرره كبيراً على عمال القطاع الخاص.
هذه بعض القضايا المفصلية التي تباينت المواقف حولها في معرض النقاش الجاري بين مختلف الكوادر سياسيين ومستقلين، وهذا ضروري ولكن الصحيح في هذا الحوار أن يأخذ شكله الرسمي داخل الحركة النقابية من خلال عقد اجتماعات مخصصة وفق جدول عمل تطرح القضايا للنقاش العام الأمر الذي يساعد الحركة النقابية على صياغة برنامجها الاقتصادي والاجتماعي والتنظيمي وبالتالي اشتقاق المهمات التي من المفترض انجازها نقابياً وعمالياً، وهذا السلوك إن جرى سيعكس نفسه بالضرورة على أداء الحركة من حيث قدرتها على تقديم إسهامها في مواجهة التحديات المتعلقة بالدفاع عن الوطن التي تعني سيادته واستقلالية قراره في مواجهة القوى الساعية إلى جر سورية إلى مواقعها ومشاريعها.
إن الأزمة الوطنية ومفرزاتها الاقتصادية والاجتماعية تضع على عاتق الحركة النقابية مسؤولية المواجهة مع التوجهات الاقتصادية الليبرالية والقطع معها وهذا لا يمكن إنجازه وفقاً لما هو قائم من آليات عمل وتوجهات ينبغي تعديلها وتجاوزها في مقدمتها إلغاء عقد الشراكة مع الحكومة التي هي رب عمل أساسي، تتمثل كل توجهاته في تعزيز الليبرالية في الاقتصاد والعمل بما يخدم قوى رأس المال الشريك الأول لقوى الفساد الكبير العاملة في جهاز الدولة والمجتمع.