بصراحة : ما بين الحكومة والنقابات
المتابع لاجتماعات مجالس النقابات خلال الدورة الانتخابية الحالية التي انتهت ولايتها منذ ما يقارب العامين؛ أن معظم المداخلات التي يقدمها أعضاء المجالس بغض النظر عن توجهاتهم السياسية، تكون حول ما يتعلق بسلوك الحكومات السابقة والحالية تجاه الاقتصاد الوطني بشكل عام وبالأخص حول القطاع العام، وما أصابه من أمراض كانت كفيلة بتعطيل دوره السياسي - الاجتماعي والاقتصادي إلى حد بعيد
وهذه الأمراض تكونت بفعل تبنَّي السياسات الاقتصادية الليبرالية التي كشفت عنها الستار الكوادر النقابية عبر اجتماعات مجالسها ومؤتمراتها، وأوضحت حجم المخاطر التي ستتولد عن تبنَّي هكذا سياسات، وكانت الكوادر النقابية محقة في تخوفاتها إلى درجة الاشتباك المباشر مع أعضاء الحكومة السابقين واللاحقين حول مجمل القضايا المتعلقة بمصلحة العمال والقطاع العام، ولكن هذا لم يسفر عن نتائج حقيقية على الأرض تحدُّ من تغوّل النهج الليبرالي الذي عمق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية إلى درجه كبيرة أعطت مؤشرات حقيقية عن قرب انفجار الأزمة التي يعيش الشعب السوري فصولها المؤلمة تشرداً وتهجيراً ودماءً سورية طاهرةً مازالت تنزف بغزارة.
السؤال الذي لا بد من طرحه، وهو يطرح باستمرار من خلال النقاشات التي تدور في الوسط النقابيّ، وبعض الوسط العماليّ: لماذا الحركة النقابية متمسكة بعقد الشراكة، والفريق الواحد مع الحكومات، وهي تعلم مدى الضرر الكبير الذي أصاب مصالح العمال، والاقتصاد الوطني بمجمله من هذا العقد المختلِ الأركان؟!.
إن الإجابة تأتي من واقع الحركة النقابية التي مازالت مرتبطة بالمادة الثامنة من الدستور القديم؛ مما يعني استجابتها لمعظم ما تطرحه الحكومات من قرارات، وتعاملها معها باعتبارها أمراً واقعاً لا يجوز الخوض به إلا ضمن الحدود المرسومة للحركة النقابية، أي أن هناك سقفاً للاعتراض لا يسمح بتجاوزه، ويمكن أن نشير لأهم القضايا المفصلية بهذا الخصوص:
1-الموافقة من حيث المبدأ على اقتصاد السوق الاجتماعي الحاضن الأساسي للسياسات الاقتصادية الليبرالية.
2- القبول بمختلف أشكال الخصخصة التي مررت تحت مسميات عدة «الاستثمار، الـ “ bot” التشاركية».
3-الموافقة على القانون 17 مع إبداء بعض الملاحظات حول بعض مواده، والآن يجري تعديله شكلياً بطريقة لا يمس فيها مصالح أرباب العمل، والتي منها التحكم المطلق بعقود العمل والأجور.
4-تسريح العمال في الكثير من المواقع الإنتاجية تحت حجة عقود مؤقتة، أو فساد إداري ومالي يكون أغلبها يقع في دائرة الظلم للعمال المسرحين.
5-الموافقة على قانون التشاركية الذي سيدخل رأس المال الأجنبي والعربي والمحلي ليبتلع ما تبقى من اقتصادنا الوطني بحجة تأمين الموارد.
فهل من خيارات أخرى؟!!.