من ذاكرة النقابي الشيوعي جبران حلال

من ذاكرة النقابي الشيوعي جبران حلال

كتب الكثير من النقابيين الذين كان لهم دور في تأسيس النقابات العمالية في سورية مذكراتهم ومنهم النقابي الشيوعي جبران حلال الذي يعطي صورة واضحة عن مرحلة نضال العمال في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي.

حسب ذكريات جبران حلال قبل العشرينيات كانت الطبقة العاملة مبعثرة هنا وهناك في منشآت صغيرة كعمال النسيج اليدوي الذين ناهز عددهم عشرات الألوف، ولكنهم كانوا غير منتظمين وأغلبهم من الحرفيين لديهم أنوال في بيوتهم ونساؤهم تعمل معهم، ومن كان عنده أكثر من نول كان يعمل معه عامل على كل نول ولا يزيد عدد الأنوال عند الحرفي الكبير على ثلاثة أنوال، وهذه كانت تعد ورشة كبيرة ويتبعهم عمال المسدية، وكانوا يعملون على القطعة للتجار الكبار  الذين يستغلونهم أبشع الاستغلال، وكان يوجد فئات صغيرة أخرى في بعض معامل السجاد والجوارب والزيت والصابون والدباغة والتبغ والموبيليا والمطاحن والكهرباء والخطوط الحديدية، وعمال البناء الذين يعدون أكثر من مائة عامل، والتي تضمهم أكثر من خمس عشرة مهنة.
وفي العشرينيات قامت عناصر منتجة تشبه الطبقة العاملة من صناع وحرفيين، وأثبتوا وجودهم وشكلوا في وجه استغلال واستثمار كبار أرباب العمل الأجانب والمحليين نقابات باسم نقابات العمال وأخذوا ينظمون صفوفهم وفي عامي  1924 – 1925 عندما وجد بعض الماركسيين والشيوعيين سعوا لتشكيل أول نقابات لهم، وكانت من باكورات أعمالهم نقابة الطباعة ونقابة عمال التريكو، وفي عام 1928 تشكلت نقابة عمال النسيج الآلي، وقد أصاب الرعب قلوب رجال الاستعمار ورجال الأعمال الرجعيين المحليين والأجانب، فشددوا ملاحقتهم للنقابيين والعمال الواعين وعلى الأخص عندما وصل لسمعهم بأنه صار بين العمال شيوعيون، وهذا الخوف كان واقعياً لأنه أصبح في سورية حزب شيوعي؛ وبدأ العمال الشيوعيون يثقفون العمال ويرفعون من وعيهم وينظمون صفوفهم لنيل حقوقهم، وكان يمنع على العمال الاجتماعات أو الدعاية للعمل النقابي، وكان الشيوعيون يجمعونهم بدعوة لسهرة فنية أو نزهة للبساتين أو حفل طهور أو عمادة حسب الحال ويحدثونهم عن عمال العالم، وكيف استطاعوا نيل الكثير من حقوقهم بالتضامن والنضال، وفي ذكرى الأول من أيار عيد العمال العالمي يشرحون لهم معنى الأول من أيار، وكيف أضرب عمال شيكاغو في أمريكا وسقط الكثير منهم شهداء في سبيل تحقيق مطالبهم ،ونتيجة تآمر الرأسماليين واستخدام العنف من العملاء والشرطة، وكيف أنفضح التآمر أمام المحاكم بعد ذلك وتكريماً لشهداء الطبقة العاملة يتم الاحتفال سنوياً في الأول من أيار كل عام.