العمال يتظاهرون في عيدهم ويهتفون : الأول من أيار يوم المواجهة مع السياسات الليبرالية

العمال يتظاهرون في عيدهم ويهتفون : الأول من أيار يوم المواجهة مع السياسات الليبرالية

تتصاعد النضالات العمالية في البلدان المختلفة رداً على الهجوم الواسع الذي يشنه الرأسمال المالي العالمي على مكاسب وحقوق الطبقة العاملة، خاصةً مع تعمق الأزمة العامة للرأسمالية التي أصابت بنيتها، ووصلت إلى الإنتاج المادي الحقيقي (الصناعي والزراعي) مما عمق التناقض بين قوى النهب والمنهوبين، حيث توسعت جبهات المواجهة مع طبقات جديدة، بالإضافة إلى العمال حيث كانت إلى وقت قريب تعيش بمستوى جيد، وانحدر مستوى معيشتها وخسرت الكثير مما كانت تنعم به.

إن عمق الأزمة الرأسمالية قد مركز عمليات النهب ووسع من دائرة الفقر والحرمان، الأمر الذي دفع الجماهير بالعودة إلى الشارع دفاعاً عن مكتسباتهم، وهذا بحد ذاته تعبير سياسي عن تغير في موازين القوى مازال في بدايته، حيث سيتعمق أكثر مع تصاعد المواجهة التي نرى مقدماتها في الإضرابات والمظاهرات العمالية الواسعة في الأول من أيار وقبله.

روسيا: مليونا محتفل

في  روسيا الاتحادية أطلقت نقابات العمال الروسية مظاهرة كبيرة  في الساحة الحمراء في موسكو بمشاركة أكثر من مئة ألف شخص احتفالا بعيد العمال الأول مرة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 وكانت المظاهرة التي غطتها الأعلام الحمراء تعبر عن مطالب العمال ومعادية للفاشية الجديدة وشعارات التضامن مع أوكرانيا.
كان احتفال الأول من أيار يوماً للنضال من أجل تحسين ظروف العمل، وكل عام تنظم النقابات الروسية مسيرات في هذه المناسبة في أغلبية مدن البلاد لكن العودة الرمزية هذا العام إلى ساحة البلاد الرئيسية قرب الكرملين جرت بموافقة السلطات كما كان يجري في فترة الاتحاد السوفياتي حيث كان الأول من أيار مناسبة لعروض عسكرية ومدنية كبيرة أمام القادة.
وصرح رئيس اتحاد نقابات روسيا ميخائيل شماكوف بأن أكثر من مليوني شخص شاركوا في مسيرات عيد العمال في البلاد على ما نقلت وكالة انترفاكس، وقد شاركت قوى عديدة في تنظيم المظاهرات مثل الحزب الشيوعي الروسي والحزب الشيوعي السوفييتي وحزب روسيا الموحدة واتحاد نقابات روسيا.

أوكرانيا: شعارات معادية للفاشية وللسلطة الجديدة

في أوكرانيا التي تعاني من أزمة سياسية حادة منذ أشهر انطلقت أكبر تظاهرات للأول من أيار في مدن لوغانسك ودانتسك وكراسنودون في منطقة الدونباس التي تضم مناجم للفحم يعمل فيها عشرات الآلاف من العمال وفي مدينة خاركوف ونظمت المظاهرات من قبل مؤتمر عمال عموم أوكرانيا والحزب الشيوعي الأوكراني وقوى أخرى رفعت خلالها شعارات معادية للفاشية وللسلطة الجديدة في كييف وكانت الأعلام الحمراء وصور ستالين حاضرة بكثافة.

تركيا: التظاهرات المناهضة للحكومة
وفي تركيا التي حظرت فيها حكومة رجب طيب أردوغان الاحتفال بعيد العمال في ساحة تقسيم باسطنبول استخدمت الشرطة التركية اليوم خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع لتفريق مئات المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام الطوق الأمني للدخول إلى ساحة تقسيم في اسطنبول التي كانت مركز التظاهرات المناهضة للحكومة السنة الماضية وبلغت الحشود الأمنية من الشرطة داخل الساحة وحولها 40 ألف عنصر.
دعت إلى تظاهرة أول أيار قوى عديدة مثل الحزب الشيوعي التركي والنقابات الثورية ديسك واتحادات الطلاب وحزب العمال التركي والحزب الشيوعي التركي الماركسي اللينيني «بارتيزان» وحزب السلام والديمقراطية الكردي وقوى يسارية أخرى.
وشلت حركة وسائل النقل العام في هذه المدينة التي تضم 13 مليون نسمة حيث أغلقت السلطات الطرقات وعلقت خدمات العبارات وأغلقت محطات المترو لمنع مجيء حشود من المتظاهرين وانتشرت الصدامات في الشوارع المحيطة بساحة تقسيم.

كمبوديا: عمال قطاع النسيج
الذين ينفذون إضراباً
وفي كمبوديا شهدت احتفالات عيد العمال اضطرابات حيث دعت النقابات الى التظاهر لدعم عمال قطاع النسيج الذين ينفذون إضرابا في منطقتين اقتصاديتين خاصتين قرب الحدود مع فيتنام إذ أن أغلبية العمال في هذا القطاع الذي يعتبر حيويا للاقتصاد الكمبودي ويوظف نحو 650 ألف شخص يكسبون أقل من مئة دولار شهرياً.
واستخدمت الشرطة الكمبودية الهراوات والعصي لتفريق المتظاهرين الذين تجمعوا قرب منتزه الحرية في بنوم بنه الذي أغلق لمنع وصول معارضين لرئيس الوزراء هون سين الذي يحكم البلاد منذ 30 عاماً، وقد تعرض عدة أشخاص لضرب شديد وقال رئيس اتحاد عمال صناعات النسيج أته ثورن «يجري الاستخفاف بحقوق العمال».
وانطلقت تظاهرات أيضا في اندونيسيا وماليزيا والفليبين ومناطق أخرى في شرق آسيا مثل هونغ كونغ وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان.

فرنسا واسبانيا : مستويات بطالة قياسية
وفي أوروبا تتظاهر النقابات تحت شعارات مختلفة في العاصمة الفرنسية باريس بعضها احتجاجاً على خطة ادخار 50 مليار يورو التي أعلنها رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس تحت شعار دعم أوروبا، والتي أتت على حقوق العمال والمهاجرين.
وجرت مسيرات أيضا في اسبانيا التي تخرج من أزمة اقتصادية ولاتزال تسجل مستويات بطالة قياسية حيث نظمت تظاهرات في مدريد وأكثر من 70 مدينة أخرى.

ماليزيا: إلغاء الضريبة
احتشد الآلاف في العاصمة الماليزية كوالالمبور اليوم الخميس للمطالبة بإلغاء ضريبة من المقرر أن تطبقها الحكومة العام المقبل على السلع والخدمات .
وارتدى كثير من المتظاهرين القمصان الحمراء، ليرمزوا على تصميمهم، فيما حمل آخرون شعارات ولافتات كتب عليها : «نحن شعب ماليزيا .. نرفض ضريبة السلع والخدمات» و «لا لضريبة السلع والخدمات».
وقال متظاهر يدعى أوجستن لورثوسامي : «ضريبة السلع والخدمات ستمثل عبئاً إضافيا علينا.. نحن نعاني بالفعل من الارتفاع الذي طرأ على أسعار الكهرباء والوقود والغذاء في الآونة الأخيرة».
ويقدر المنظمون حجم المتظاهرين بأكثر من 30 ألفا، فيما قال ضابط شرطة مشارك في تأمين المسيرات إن العدد يتراوح بين ثمانية و10 آلاف.

اليابان: التوظيف يفتقد للاستقرار
خرج عشرات الآلاف من المواطنين اليابانيين اليوم الخميس في الأول من أيار إلى الشوارع للمشاركة في مظاهرات «يوم أول أيار/مايو»، داعين الشركات إلى تحسين بيئة العمل، ومنتقدين السياسات الاقتصادية لرئيس الوزراء شينزو آبي، والتي يطلق عليها اسم «أبينوميكس».
قال ساكوجي دايكوكو رئيس الاتحاد الوطني للنقابات العمالية أثناء مشاركته في إحدى المسيرات بالعاصمة طوكيو إن السياسات دفعت الشركات الكبرى لتقديم زيادات في الأجور للعاملين، إلا أن الشركات الصغيرة والمتوسطة لم تقم بذلك. وطالب دايكوكو بزيادة رواتب جميع العاملين، ولاسيما عقب ارتفاع ضريبة المبيعات مؤخراً.
كما انتقد المشاركون في المسيرة حكومة آبي بسبب فشلها في حل مشكلة التوظيف الذى يفتقد للاستقرار، وهي مشكلة متصاعدة ولاسيما بين النساء والشباب.

فلسطين: بالصحون والطناجر
أحيا الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، بمدينة رام الله امس الخميس، ذكرى الأول من أيار يوم العمال العالمي، بمسيرة ومهرجان حاشد ضم الآلاف من العمال الذين حضروا من مختلف محافظات الوطن.
كذلك شارك الآلاف من العمال والكتل والجمعيات العمالية اليسارية والجماهير في مسيرة جماهيرية حاشدة بمناسبة يوم العمال العالمي في مدينة غزة انطلقت باتجاه ميدان فلسطين وسط المدينة، يتقدمهم نقابيون ومسؤولو الفصائل اليسارية وجمعيات حقوقية وعمالية في قطاع غزة. ورفع المشاركون أدوات العمل للعمال والصيادين والصحون والطناجر وسط هتافات تدعو لإنصاف العمال ورفع الظلم عنهم نتيجة الانقسام والحصار رغم تقدمهم صفوف النضال الوطني التحرري والديمقراطي والانحياز للطبقة العاملة.

لبنان ومصر:
الاستثمار قنن الفساد والنهب
أحيا الحزب الشيوعي اللبناني عيد  العمال العالمي بتظاهرة انطلقت من منطقة البربير حتى ساحة رياض الصلح في وسط بيروت شارك فيها عشرات الآلاف.  وشارك الحزب الشيوعي المصري في وقفة بميدان طلعت حرب بمناسبة عيد العمال. وأشار الحزب، أن الوقفة تأتي ضد قانون التظاهر، وضد تعديلات قانون الاستثمار الذي قنن الفساد والنهب، وضد قرارات رفع الأسعار، منوها أنه لا فصل فيها ما بين مطالب العمال الاقتصادية والمطالب السياسية.

بلدان أخرى:
الثروة هي ثمار جهود العمال
في أوروبا جرت عدة مسيرات في مناسبة الأول من مايو/أيار «اليوم العالمي للعمال” حيث تظاهر الآلاف في أثينا وتيسالونيكي (شمال اليونان) في عيد العمال احتجاجا على التقشف ومن أجل أوروبا اجتماعية، مذكرين بأن الثروة هي ثمار جهود العمال.
وفي إيطاليا، حيث تعهدت حكومة رئيس الوزراء ماتيو رنزي بإعادة الثقة للإيطاليين الذين يخرجون لتوهم من أكثر من سنتين من الانكماش، تظاهر الآلاف ضد البطالة والتقشف ووقعت اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين.
وفي تونس، أحيا الاتحاد العام التونسي للشغل يوم العمال العالمي في تجمع حاشد أقيم أمام مقره العام في العاصمة. وشدد الأمين العام للاتحاد حسين العباسي في كلمة ألقاها في المحتشدين على أنه رغم ما تحقق على درب الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي بالبلاد فإن الجمود الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي يتطلبان التحرك السريع لإيجاد الحلول وإعادة الاعتبار لسلطان القانون وهيبة الدولة، على حد تعبيره.
  كما حدثت مظاهرات في ألمانيا وبلغاريا وهنغاريا وإيرلندا الشمالية وبريطانيا وفي أمريكا اللاتينية، ونظمت أكبر الاحتفالات في هافانا العاصمة الكوبية، وفي السلفادور حيث قادت جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني مسيرة ضخمة غطاها اللون الأحمر أعلاماً وملابس، وكذلك في فنزويلا وتشيلي وكولومبيا.