تبنّي حق الإضراب واستقلالية الحركة النقابية
في حوار جرى مع رئيس اتحاد عمال دمشق حول العديد من القضايا النقابية وجه سؤاله نحوي قائلاً: ما العمل المفترض أن تقوم به النقابات في ظل الأزمة الحالية ولم تقم به إلى الآن؟
والمقصود به، أن النقابات قد قامت بما هو مطلوب منها ضمن الامكانيات المتاحة، والمتوفرة لها، وهذا استفزني بالمعنى الإيجابي من أجل أن أخرج عما هو معتاد في المؤتمرات النقابية لفتح باب الحوار العلني من على هذا المنبر حول مختلف القضايا الوطنية، والطبقية التي تعزز من دور وفعالية الحركة النقابية إلى جانب القوى الوطنية الأخرى الساعية من خلال حراكها السياسي السلمي لإخراج البلاد والعباد من الأزمة الوطنية العميقة باتجاه سورية الديمقراطية التعددية السياسية المقاومة للمشاريع الامبريالية والصهيونية، والتي لا يمكن لأي نظام التخلي عنها لأنها ثوابت راسخة عند الشعب السوري الذي خاض معاركه الوطنية من أجل الاستقلال وضد الأحلاف الاستعمارية، وغيرها وغيرها من المعارك، بحيث صقلته وجعلته عصياً على الكسر.
لا أحد يشك الآن بالضرر الكبير الذي تسببت به السياسات الاقتصادية، والنهج الاقتصادي الذي جرى تبنيه، وكيف ساهم هذا النهج مع مساهمات أخرى سنأتي على ذكرها في تحضير الحطب اللازم لأشعال الأزمة من الناحية الاجتماعية، حيث كان يقتضي من الحركة العمالية مقاومة هذه السياسات بكل الوسائل المشروعة، والسلمية، وليس مسايرتها تحت شعار: (نحن والحكومة فريق عمل واحد) مما أدى بأضرار كبيرة بالاقتصاد الوطني المنتج، وبمصالح وحقوق الطبقة العاملة، ويأتي في مقدمتها انخفاض مستوى المعيشة إلى مستويات خطيرة على الرغم من زيادة الأجور الاسمية التي كانت تتأخر، بحيث تفقد جزءاً كبيراً من قدرتها الفعلية مما مركز الفقر مقابل مركزة الثروة بأيدي قله قليلة، وأصبح نفوذها الاقتصادي والسياسي واسعاً لدرجة أنها تقرر في الاقتصاد ما تراه مناسباً لتعزيز نهبها وفسادها على حساب الملايين من الفقراء بمن فيهم الطبقة العاملة، ورداً على ما أقول.. إن النقابات كانت ترفع صوتها بقوة على السياسات الليبرالية في الاجتماعات والمؤتمرات واللقاءات والمواقع الحكومية المشارك فيها قيادات من الحركة النقابية، وأرد على هذا أن النتائج على الأرض كانت بعكس مما تريده القيادات والكوادر النقابية، والسبب واضح وبيّن، وهو أن الحركة النقابية مجردة من أسلحتها الحقيقية، وأهمها تبنّي حق الإضراب، واستقلالية الحركة النقابية المنصوص عنهما مؤخراً في الدستور السوري التي تمكنها من تعديل موازين القوى لمصلحة إعادة توزيع الثروة المتمركزة في أيدي قلة قليلة من الفاسدين، والناهبين من أجل الدفاع عن الاقتصاد الوطني وتطويره بما يخدم المعركة الوطنية، وحل الأزمات الاجتماعية المستعصية التي زادتها السياسات الاقتصادية والنهج الاقتصادي الذي جرى تبنّيه استعصاءً بما فيها البطالة والأجور والسكن والتعليم والنقل..الخ، ويمكن أن نشير إلى بعض القضايا التي يعرفها العمال جيداً تأكيداً على ما نقول:
• تسريح أعداد كبيرة من العمال وفقاً للمادة(137) من القانون الأساسي للعاملين تحت حجة مكافحة الفساد، وبشكل مخالف للقانون من حيث تشكيل اللجان التي يشارك فيها التنظيم النقابي.
• تسريح أعداد كبيرة من العمال في القطاع الخاص على أساس قانون العمل الجديد رقم 17.
• انخفاض الأجور الحقيقية، وعدم تناسبها مع الأسعار التي أدت إلى انخفاض المستوى المعيشي للعمال، وإلى مستويات متدنية جداً مما رفع من مؤشرات الفقر إلى درجات خطيرة.
• إقرار مجموعة مهمة من القوانين والتشريعات بما فيها قوانين العمل لمصلحة قوى السوق، وأرباب العمل، والفاسدين.
إن التقارير النقابية المقدمة للمؤتمرات كانت مليئة بالمطالب العمالية التي يجري تدويرها من عام لآخر دون أن تلبى، وطرح العديد من المشاريع لإصلاح القطاع العام، ولكنها ذهبت أدراج الرياح تحت شعار التطوير والتحديث.
إن الخروج من مأزق عملنا النقابي يعني الإضاءة على مجمل التجربة السابقة كي نكتسب منها الخبرة الكافية في صياغة مهامنا النقابية والعمالية في الظروف الجديدة، المطلوب فيها من كل القوى الوطنية بما فيها الحركة النقابية قطع الطريق على القوى التي تسعي إلى ركوب موجة الحل السياسي من أجل تثبيت مواقعها السياسية والاقتصادية المرتبطة بالحل الأمريكي الذي يريد تحقيق أهدافه السياسية بطرق أخرى بعدما فشل الحل العسكري على الطريقة الليبية أو العراقية عبر طرح حل على أساس التوافقات الطائفية التي ترفضها القوى الوطنية، وشعبنا السوري الذي يريد حلولاً سياسية على أساس المكونات السياسية المعبرة من خلال برامجها عن مصالح الطبقات المكونة للمجتمع السوري، وفي هذا السياق لابد من التأكيد على ما طرح في مجلس الاتحاد العام، وخاصةً ما طرحه رئيس اتحاد عمال دمشق باعتبار ذلك مدخلاً للحوار بين قيادة الحركة النقابية والعمال حول آليات العمل والخطاب والرؤية، والمهمات النقابية القادمة ومنها:
نموذج اقتصادي جديد يتناسب مع خصوصية المجتمع، وخصوصية الاقتصاد السوري، وأن يكون مولداً لفرص العمل.
بيئة تشريعية حاضنة لقضايا العمال، وتضمن حقوقهم في مواجهة الطبقات الأقوى في المجتمع وبيئة عمل آمنة.
ونضيف إلى ذلك: إشراك العمال في الدفاع عن أماكن العمل بإشراف من النقابات، والدفاع ليس بالمعنى العسكري بل من خلال قيادة دفة الإنتاج خلافاً لرغبة الفاسدين من الإدارات.
تبنّي حق الإضراب كإحدى الأدوات في الدفاع عن الحقوق، وتعديل موازين القوى.
أيها العمال نحن الطبقة الأكثر تضرراً مما يجري، فلندافع عن الوطن وعن حقوقنا السياسية والاقتصادية.