عاملات صناعة السجاد اليدوي في طرطوس.. حق التثبيت أقر بمرسوم تشريعي وأهمل بقرار أدنى

عاملات صناعة السجاد اليدوي في طرطوس.. حق التثبيت أقر بمرسوم تشريعي وأهمل بقرار أدنى

كثيرا ما تصدر قرارات من الهيئات التفتيشية والرقابية بحق موظفين ومدراء فاسدين ولا تجد طريقاً للتنفيذ، بفعل عرقلة جهات معينة تعمل في الظل أو العلن حسب ما تقتضي مصلحتها، وبالمقابل كثيراً ما تصدر قرارات ومراسيم تحق حقوقاً مستحقة لشريحة اجتماعية تعمل في قطاعات الدولة، ولا تجد طريقاً للتنفيذ

لكن هذه المرة بفعل تلك الهيئات الرقابية والتفتيشية دون إعلان الأسباب، مما يستدعي التساؤل عن الجهة الذاتية التي تقتضي مصلحتها بعرقلة قوانين تقتص من الفاسدين، وتعرقل تطبيق قوانين ومراسيم لحقوق أفقر شريحة اجتماعية على الإطلاق وتعمل في قطاعات الدولة في الوقت ذاته مثل (عاملات السجاد اليدوي في طرطوس).

شكوى العاملات

في شكوى مقدمة من عاملات السجاد اليدوي في طرطوس، إلى د.قدري جميل نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وصلت إلى «قاسيون» نسخة منها جاء فيها ما يلي:

«نحن نعمل في وحدات السجاد اليدوي في محافظة طرطوس وفق أوامر إدارية صادرة من مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بطرطوس منذ عام 1980، وبعد سنوات من العمل وفي عام 1995، تم تنظيم عقود سنوية لغالبية العاملات، وبقيت إحدى عشرة عاملة لم تنظم لهن عقود رغم استمرارهن بالعمل دون انقطاع، وغير مسجلين بالتأمينات الاجتماعية، ولا نتقاضى رواتب شهرية، إننا غير مسجلات بالضمان الصحي، وحتى تعويض التدفئة تم حرماننا منه بعد أن تم ضم التدفئة للراتب، وأجورنا حسب الإنتاج، وحتى الآن نمارس عملنا بشكل مستمر بالوحدات المذكورة بموجب المرسوم التشريعي رقم 62 لعام 2011، والقاضي بتثبيت العاملين المؤقتين بالدولة، قدمت العاملات المتعاقد معهن الأوراق اللازمة للتثبيت بتاريخ 4/6/2012، لمديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بطرطوس، وحتى تاريخه لم يتم التثبيت رغم أن الاعتماد قد صرف حسب مصادر خاصة أكدت لنا ذلك، وأكد مدير الشؤون الاجتماعية والعمل بطرطوس بأن معاملات التثبيت مازالت قيد الدراسة في الرقابة المالية بدمشق، أما العاملات غير المتعاقدات ورغم مراجعة مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل المتكررة ونقابة عمال النسيج وفرع حزب البعث والهيئة العامة للرقابة والتفتيش، والمحافظين الذين تولوا شؤون المحافظة سابقاً وحالياً ومراسلة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أكثر من مرة، وكان الجواب أنه سيتم تسوية أوضاعكم وتثبيتكم قبل نهاية عام 2012، وتبين لاحقا أنها وعود كاذبة رغم أن عملنا في هذه الوحدات هو مصدر رزقنا الوحيد ونعيل أسرنا منه.

متاهات الرقابة المالية

في المؤتمر العام لنقابات عمال طرطوس تحدث مدير الشؤون الاجتماعية والعمل عن الظلم الذي أصابهن، وخاصة إنهن يعملن منذ الثمانينيات، وحتى الآن هناك مماطلة بتثبيتهن، كانت الحجة سابقا بأنه لم يكن هناك دفتر دوام، فتم تصوير دفتر الدوام وتم رفعه، وبعد ذلك رفعت كتب حسب المرسوم التشريعي ولم يثبتوا في عملهم، وبعد مراسلات ومراجعات ومخاطبة جهات متعددة تم تفويض المحافظة بالبت بهذا الأمر، تم توقيع عقد 63 عاملة ورفع القرار وتمت ملاحقته لعدة شهور، وفي كل مرة كان يؤجل بحجة أن هناك ما هو أهم منه، وبعد ذلك تم ارتكاب خطيئة ورفعت العقود من الجهاز المركزي للرقابة المالية في طرطوس إلى الجهاز المركزي في دمشق لتأشير القرار وتعقدت الأمور، مع العلم إن تأشير هذا القرار يتم في الجهاز المركزي في طرطوس وليس في دمشق، وتابع مدير الشؤون بأنه تمت متابعة الموضوع مع الجهاز المركزي في دمشق، وبعد الرجاء في الإجابة على الكتاب المرفوع سواء كان سلبا أو إيجابا، وبعد محاولات عديدة قالوا هذا سر لا نفصح عنه اذهب إلى مكتبك وسنبعثه لكم حسب الأصول، وطال الانتظار ولم يتم تأشير القرار، وتحدث أيضاً عن تميز عاملات السجاد ونشاطهن، وبالتالي عن تميز هذه الصناعة الريفية في طرطوس، وبالرغم من إن السجادة تباع بأكثر من مائة ألف ليرة فقد تجاوزت نسبة المبيع أكثر من 400% بالرغم من الأزمة التي يعيشها الوطن.

لأنهم فقراء

تبنت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مشروع التنمية الريفية، وكان له دور كبير في تنمية القدرات الإبداعية والمهارات للمرأة الريفية إلى جانب تأمين دخل مادي مساعد وما توفره هذه الصناعة من ترابط اجتماعي في منطقة العمل، وخاصة أن كل وحدة تؤمن عمل من 20-30 عاملة على مستوى التجمع الذي فيه.

لكن الطامة الكبرى أن عاملات هذه الصناعة من أفقر شريحة اجتماعية تعمل في مؤسسات الدولة على الإطلاق، وكثيرا ما يعانين من أمراض مهنية، وخاصة انقراص فقرات الرقبة، وتحدث البعض منهم بأنه هناك من جاء يمارس فساده عليهم، ويطرح سعراً وطرقاً ملتوية لعملية تأشير قرارهم، وهذا ما يفسر التأخير في عملية التأشير، وإن كن لا يملكن المال الكافي بين أياديهن للدفع، إلا أنهن يملكن الحس الوطني لرفضهن هذه المساومات، ويملكن الإرادة القوية لمواصلة نضالهن، وهن اعتصمن أمام المحافظة أكثر من مرة ولديهن الاستعداد للاعتصام مرات ومرات، لكن ورغم مرارة وضعهن ما زلن متفائلات بأن هناك من سيصغي إليهن وينصفهن فلا يموت حق وراءه مطالب!!

 

آخر تعديل على الثلاثاء, 08 نيسان/أبريل 2014 21:56