دور العمال في اللجان الإدارية والمجالس الإنتاجية  خطوة متقدمة لم تأخذ دورها في كشف الخلل والفساد
نزار عادلة نزار عادلة

دور العمال في اللجان الإدارية والمجالس الإنتاجية خطوة متقدمة لم تأخذ دورها في كشف الخلل والفساد

تقول النقابات العمالية في مؤتمراتها وتقاريرها السنوية بأن المجالس الإنتاجية واللجان الإدارية هي أعلى هيئة في المنشأة، ترسم سياسة عمل المنشأة، وتتخذ القرارات المناسبة للنهوض بها من جميع النواحي الانتاجية والفنيةوالتسويقية والاقتصادية، ويشارك في هذه المجالس واللجان ممثلو العمال بمسؤولية، ولهم دور كبير فيما يتعلق بقيادة وإدارة المنشأة الاقتصادية، لذلك يولي الاتحاد العام أهمية كبيرة لمشاركة العمال بهذه الهيئات الإدارية.

الدور الكبير

طبعاً إضافة لوجود العمال في اللجان والمجالس. للعمال أيضاً دور في عملية إدارة وقيادة الاقتصاد الوطني في اللجنة الاقتصادية في قيادة الحزب، وهي المطبخ الاقتصادي في لجان أخرى عديدة.

لاشك أن وجود العمال في إدارة التجمعات الاقتصادية مكسب كبير للطبقة العاملة وعملياً يجب أن يحقق أمرين أساسيين:

 حماية العمال والدفاع عن حقوقهم تحسين شروط عملهم وتأمين الخدمات اللازمة لهم، وتأمين شروط الصحة والسلامة المهنية، وغير ذلك من القضايا التي يطالب بها العمال.

 دعم الاقتصاد الوطني عبر القطاع العام، والوقوف بحزم ضد التوجهات الاقتصادية التي تؤثر على الاقتصاد الوطني وعلى مكاسب الطبقة العاملة.

 

في قلب الإنتاج

الواقع كما رأيناه أن المجالس الإنتاجية واللجان الإدارية تنقل المؤسسة النقابية إلى صميم عمليات الانتاج وتجعل لها دوراً ميدانياً فيها.

إن المجالس واللجان خلقت نقطة تماس أساسية مع الواقع بجميع مشكلاته وخفاياه. ومع ذلك ومن خلال مراجعة هذه التجربة الهامة نلحظ الآتي:

تم تجميد هذه المجالس واللجان، وبقيت شكلاً دون مضمون، وأضيفت إلى ركام الشكليات الموجودة، وأصبحت صورة طبق الأصل عن الأجهزة المخططة والمنفذة.

وهي صيغة مجدية للمشاركة بين المؤسسة النقابية والمنشآة الإنتاجية، و كان من الممكن من خلالها إخراج النقابات من المكتب والسيارة والامتياز إلى الميدان، و صيغة لارساء علاقات عمل صحيحة ولإرساء علاقات تفكيروحل جماعيين في المنشأة، وهي أيضاً صيغة لاختيار سبل أكثر جدوى لتوضيح الخطط الموضوعة وتوزيعها وتعميم الخبرات والتجارب وفتح الطريق أمام التدريب والتأهيل.

 

واقع التجربة

 

التجربة تقول: إن مدير المنشأة هيمن على المجلس، وهو رئيس المجلس وبقي الآخرون في حالة عجز عن أن يقدموا رأياً، وبقيت ببنية فوقية في عزلة عن العمل والإنتاج لأسباب عديدة منها:

التعيين في النقابات بشكل عام.

الخلل الإداري والمحسوبيات في تعيين الإدارة وفساد الإدارات.

يقول أحمد دباس في محاضرة له في هذا الموضوع «يعتقد أحد المديرين بأن بعض الأعضاء سوف يطغون على شخصه وعلى المناقشات ويبدون وكأنهم أصحاب القرار لذلك يسعى إلى ابعادهم والتقليل من شأنهم ظناً منه بأنهقد ربح شخصياً، ولكنه ينسى أنه خسر موضوعياً وعلى المدى الطويل».

إذاً لم يقم ممثل العمال بواجبه في اللجان والمجالس، وأنا هنا لا أطالب المدير أو الأعضاء الآخرين ما يهمني هو ممثل العمال.

 

دور العمال

من خلال قراءة متأنية لدور العمال في المجالس واللجان في  جميع الشركات والمؤسسات والاجتماعات التي تعقد ومدونة في سجلات خاصة. نادراً ما نرى تحفظ ممثل العمال على قضية هامة.

اكتفت النقابات خلال سنوات طويلة برفع المذكرات إلى الاتحاد العام والاتحاد المهني تعترض على تحميل العمال مسؤولية ارتفاع التكلفة وانخفاض الإنتاجية والبطالة المقنعة والترهل والتسيب واللامبالاة، وعدم إصلاح القطاعالعام وعرض بعض شركاته للاستثمار.

مذكرات تطالب بقضايا عمالية مطلبية مزمنة، حوافز، تعويضات، كساء، طبابة.. إلخ، ونادراً ما نجد تحفظاً على هدر وفساد وصفقات مشبوهة.

وهنا نسأل: أين ممثل العمال أمام استيراد أجهزة حديثة لشركة هامة قيمتها 1.5 مليار ل.س وهي في العراء منذ عام 2002؟!.

وأين ممثل العمال في استيراد 50 مليون كيس سنوياً لإحدى الشركات الهامة، وسعر الكيس 40 ل.س والتكلفة الفعلية 7 ل.س؟!.

وأين ممثل العمال من موبقات ارتكبت بحق القطاع العام من إدارات اغتنت على حساب القطاع العام؟!.

 

دون قرار

كان ممثل العمال يتفرج على هذا التخريب دون أن يتخذ قراراً أو تحفظاً، وأنا لا أتهم ممثلي العمال بأنهم شركاء الإدارة في الفساد، ولكنني اتهمهم بالتقصير أمام مكاسب لا تذكر، وأقول كان هناك تحالف مكشوف بين بعضالقيادات النقابية وبعض الإدارات، وكانت هناك خطابات نقابية تدعو إلى التستر على الإدارات الفاسدة لأنها مدعومة، والتستر على ما يجري في القطاع العام من أجل الحفاظ عليه.

نشرت موضوعاً موثقاً عن مدير مؤسسة السكك الحديدية قبل عشر سنوات في صحيفة محلية أبرزت فيه صفقات فساد قام بها مدير المؤسسة بالمليارات، وقد تم اتهامي بالافتراء والمبالغة علماً أن الوثائق حصلت عليها من ممثلالعمال في هذه المؤسسة، ولم يستطع طرحها في اجتماعات المجلس الانتاجي أو اللجنة الإدارية لأسباب معروفة، ومازلت أذكر مع بناء سد زيزون أعطاني أحد المهندسين وثائق تقول بأخطاء فنية في السد وسرقة حديد،وأسمنت ونشر الموضوع آنذاك في جريدة العمال، وقامت الدنيا لأننا نشهر بالقطاع العام، وقامت الدنيا أيضاً عندما انهار السد، طبعاً المهندس عزل آنذاك.

 

خلاصات الفكرة

أخيرا نصل إلى خلاصات وهي أن المجالس واللجان فشلت في أن تكون إدوات تنظيمية من أدوات الخطة الإنتاجية، وفشلت في كشف الفساد، وفي مراقبة أعمال التنفيذ والمناقصات ومعالجة المشاكل الطارئة، فجمدت هذهالمجالس في قوالبها، وبقيت شكلاً دون مضمون وأضيفت إلى ركام الشكليات الموجودة، ممثل العمال في المجالس واللجان يكون فاعلاً عندما تكون الانتخابات ديمقراطية في الحركة النقابية من القاعدة إلى القمة، عندما ينتخبالعامل من عمال المؤسسة إلى المجلس الإنتاجي واللجنة الإدارية، لا أن يعين من الاتحاد أو جهات أخرى، ويتوقف فساد المدراء ويتوقف الهدر وتجاوز القوانين عندما تعين إدارات كفؤة، ويكون ممثل العمال العين الساهرة علىإظهار الفساد والانحرافات والفساد في مؤسساتنا.