بصراحة: العمال و الوزارة القادمة؟!
تتعاقب الوزارات، و يأتي وزراء جدد مع كل تغيير وزاري، يحملون في جعبتهم الكثير من العهود، والوعود، يَعدون العمال بتحقيقها باعتبارها حقوقاً لهم قد هُضمت في زمن الوزارة السابقة، أو في زمن الوزير السابق، و لابدمن إعادتها لأصحابها،
ولكن واقع الحال يقول لا الوزير وفى بما وعد، و لا العمال نالوا حقوقهم، ليبقى الوضع باتجاه المزيد من التدهور وسوء الحال، والأمثلة على هذا كثيرة منها :أن وزير العمل وعد منذ بداية تولية وزارةالشؤون الاجتماعية والعمل بدراسة قانون العمل الجديد رقم/17/ باعتبار هذا القانون قد أضر بحقوق العمال وجعل مصيرهم مرهوناَ لقانون السوق«العقد شريعة المتعاقدين»الذي يعبر بشكل فاقع عن عدم التساوي في الشروطبين طرفي العقد من حيث قدرة العامل على وضع ما يعبر عن مصالحه، وحقوقه في العقد المبرم بينه وبين رب العمل الذي يملي على العامل ما يناسبه من شروط وتعليمات لا يستطيع العامل رفضها أو الاعتراض عليها طالماأن في الخارج المئات من العمال ينتظرون دورهم، ولكن الوعود بقيت وعوداً، لم يُنظر بقانون العمل العتيد، ومارس أرباب العمل أقسى الموبقات بحق العمال، قاموا بتسريح عشرات الآلاف من العمال، وقاموا بتخفيضأجورهم من خلال تخفيض أيام العمل المأجورة تصل بمعظم الأحوال إلى نصف أسبوع في الأسبوع الواحد، أليس هذا تخفيضاً للأجور إلى النصف؟ مع التهديد بالتسريح للعامل المعترض على هذا الإجراء. الوعد الآخر هوإنشاء صناديق المعونة الاجتماعية كصندوق البطالة والتعطل عن العمل، وذهب هذا الوعد أدراج الرياح وازدادت أعداد العاطلين عن العمل الذين قدرت الوزارة ما قبل السابقة أعدادهم ما يقارب ال8% والوزير الجديد القديمقدرها ب30% ولا ندري أي المؤشر الأدق الذي ستعتمده الوزارة لوضع خطة عمل سريعة، وفعالة لتخفيض نسب البطالة إلى الحدود التي لا تشكل بؤراً اجتماعية خطرة كما هو جار الآن بسبب البطالة المستشرية التي ازدادتنسبها مع الأزمة الوطنية الحالية.الوعد بإيجاد حلول لواقع المحاكم العمالية، وللدعوى العمالية المتراكمة بسبب شروط عقد جلسات المحكمة التي نص عليها قانون العمل أن يكون قاضياً، ومندوباً عن العمال، ومندوب عن أربابالعمل الذي لا يحضر الجلسات، وبالتالي تتعطل الجلسات، وتتراكم القضايا بالرغم من نص قانون العمل على أن القضايا العمالية لها صفة الاستعجال، ولا تقبل التأجيل، ومع هذا فإن القضايا العمالية تبقى عالقة دون حل لها،وتضيع على العمال حقوقهم، ويعيش العمال في حيرة، من هي الجهة التي يلجؤن لها لتنصفهم؟، وتعيد لهم حقوقهم التي سلبها منهم الرأسماليون بقوة القانون الذي وضع لأجلهم، وفي خدمة مصالح أصحاب رؤوس المال،وأصحاب النفوذ الداعمين الأساسيين لهم في مواجهة حقوق العمال، الذين لا داعم لهم سوى تنظيم صفوفهم، وتعزيز وحدتهم، وتوحيد مطالبهم الأساسية.
إن أية وزارة قادمة لن تغيّر من واقع العمال بشيئاً طالما تتبنى برنامجاً اقتصادياً ليس في مصلحة الفقراء، والعاملين بأجر كما هو حاصل مع الوزارات السابقة، وحتى الوزارة القادمة ستأتي، والبلاد والعباد في أزمة حقيقية، ولكي تتبنى برنامجاً إنقاذياً يساهم في الخروج من الأزمة جوهره تطوير القطاع العام الحقيقي«الصناعي الزراعي»، ودعم القطاع الخاص المنتج الذي يؤدي للعمال حقوقهم غير منقوصة وتعمل على إطفاء البؤر الاجتماعيةالملتهبة، لابد من قطع الصلة التامة مع من كان السبب في حصول الكوارث السياسية والاقتصادية والاجتماعية«السياسات الاقتصادية الليبرالية» التي تبنتها الحكومات السابقة، ولكي يتحقق هذا القطع لابد من تعديل موازينالقوى على الأرض، وهذه مهمة القوى الوطنية، والشريفة في كل مكان و موقع، وفي مقدمتها الحركة النقابية، لمصالحة الفقراء و العاملين بأجر بأن يعبروا بصوت عال عن حقوقهم ومطالبهم بكل أشكال التعبير السلمي بما فيهاحقهم بالإضراب عن العمل والتظاهر السلمي الذي ضمنه الدستور الجديد للطبقة العاملة ليتكون موقف عام مؤيد، وضاغط على الحكومة القادمة لتأمين حقوق الفقراء، العمال .. كل العمال في القطاع العام وفي القطاع الخاص،وهذا يتطلب من الحركة النقابية تفعيل دورها الحقيقي تجاه تبني مطالب العمال، والنضال في مقدمتهم، و في هذا الموقف ستتأكد شرعية تمثيل الحركة النقابية للحركة العمالية كمعبر حقيقي عن مصالحها، وحقوقها،ومكاسبها.