المرأة العاملة.. بين ظروف العمل الصعبة وقوانين العمل المنحازة..
أحمد محمد العمر أحمد محمد العمر

المرأة العاملة.. بين ظروف العمل الصعبة وقوانين العمل المنحازة..

تعاني المرأة العاملة في سورية الكثير من المشاكل، وتبرز في أوضاع العمل وبيئته القاسية تارة، ومواجهة المفاهيم الاجتماعية الخاطئة والمتخلفة تارة أخرى، فلا تكاد منشأة عمل صناعية أو إنتاجية تخلو من المخاطر أوالظروف الصعبة التي يعاني منها الرجال فكيف هو حال النساء 

مثل عمال الغزل والنسيج ومعامل إنتاج المنظفات، والكيماويات، ومعامل الدباغات والصباغة والكثير من المعامل التي تعتمد على الآلات والمعامل التي تعتمدعلى تحميل الانتاج ونقله داخل المنشآة و غيرها من الأعمال ... ،وتتعرض المرأة أيضاً إلى عدم المساواة في الأجور، فهي تقبل بأجور قليلة قياساً لما يقدم للشاب وهذه ظاهرة تساهم في رفع البطالة، و الطلب على العامل يكونأقل بسبب اختلاف الأجور بين العمال، والعاملات خصوصاً أن أرباب العمل يهمهم الإنتاج الكبير والتكاليف الأقل و هذا يحققه اختلاف الأجور بين العامل و العاملة، المستند إلى موقف اجتماعي من عمل المرأة مع أن القانونلا يميز بين أجر العامل و العاملة، إذا كان العمل متماثلاً، وهنا تتحمل النقابات مسؤوليتها تجاه حقوق المرأة العاملة، وضرورة تساوي حقوقها، وأجورها مع الرجل العامل في العمل المتماثل للنهوض بالمجتمع وتحقيق كرامتهالتي أساسها العمل فرص العمل المتساوية، وأجور عادلةً متوافقة مع متطلبات المعيشية، وهذا لن يكون إلا في ظل قوانين عمل تؤمن حقوق الطبقة العاملة بغض النظر عن الجنس أو اللون أو العرق.. وهنا نتطرق للحديث علىالأمور الجديرة بالاهتمام لتمكين المرأة العاملة من بناء المجتمع، و المساهمة الفعالة في تطوره الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي، وهذا الدور نراه مغيباً إلى حد بعيد للعامل والعاملة على حد سواء لغياب الحياة النقابيةالحقيقية، والسياسية التي تعبئ المجتمع، وفي المقدمة الطبقة العاملة بأهمية النضال من أجل كل الحقوق.

تتعرض العاملات، وخاصة في معامل القطاع الخاص لأوضاع غير إنسانية من خلال شروط العمل، وبيئة العمل المخالفة لقوانين العمل التي تنص على ضرورة تأمين بيئة عمل صحية حفاظاً على صحة العامل من الإصابةبالأمراض المهنية، وإصابات العمل التي قد تسبب إعاقة للعمال مختلفة الشدة، ومن هنا يرتدي الاهتمام بالصحة والسلامة المهنية في المنشآت، والقيام بتشجيع العاملات، وتدريبهن على استخدام وسائل الآمن الصناعي، والمهنيمن أجل منع إصابات العمل، والحوادث التي من الممكن أن تقع، والحماية من التلوث و يأتي العمل بهذا من خلال إلزام أرباب العمل على تطبيق القانون بما يخص شروط الصحة والسلامة المهنية، والأمن الصناعي فيالمنشآت، والمصانع، و إذا ما تحقق هذا نكون قد قللنا من حالة التميز، والاستغلال الواقعة على العاملات من خلال حاجتهن للعمل، وهذا أمر واقع تتعرض له الكثير من العاملات، وخصوصاً العاملات الريفيات والعاملات غيرالمتعلمات فهن الضحايا الأكثر مقارنة مع العاملات المتعلمات اللاتي تختلف طبيعة عملهن عن الأخريات، فمعظمهن يعملن أعمالاً إدارية، ودرجة المخاطر عليهن قليلة،وبالعودة إلى المخاطر التي تتعرض لها النساء العاملاتتلوث بيئة العمل التي تنعكس على حياتهن، وتؤثر على صحتهن مباشرة وخصوصاً أثناء فترة الحمل، و ما بعد الولادة حيث يحجب أرباب العمل إجازة الأمومة عن العاملات وتفصل العاملة من العمل إذا ما تغيبت عن العملبسبب المرض أو الولادة، مع أن قانون العمل يقر للعاملات بإجازة أمومة مدفوعة الأجر. ولمقاربة واقع العاملات قمنا بتتبع امرأة عاملة تعمل في أحد معامل الغزل والنسيج حيث تذهب للعمل في الساعة السابعة والنصف، وقبلهذا الوقت تقوم بتلبية حاجات الأسرة من فطور وتهيئة الأطفال للذهاب للمدارس والجامعات... وينتهي عملها في الساعة الرابعة وتكون قد عملت على الآلة لمدة 8 ساعات يتخللها استراحة نصف ساعة، و هي مصابة بمرضالدوالي نتيجة الوقوف الطويل في العمل وبعدها تعود لمنزلها لتبدأ رحلة عمل أخرى وهي الوقوف لمدة أربع ساعات أخرى (بين الطبخ والنفخ ) كما قالت.. ومن ثم تقوم بتدريس الأولاد وتأمين مستلزماتهم.

 

إن واقع المرأة العاملة، وما تعانيه من شروط عمل قاسية أثناء العمل، وداخل المنزل بسبب العادات، والتقاليد التي تجبرها على تحمل أعباء أضافية عن الرجل العامل، هذا يستدعي النضال معها لرفع الظلم عنها، وتأمينحقوقها، والحفاظ على كرامتها مصانة غير مهانة، ويمكن ذلك عبر النضال المشترك للطبقة العاملة نساءً، ورجالاً من أجل الحقوق الغير المنقوصة للعمال التي كرستها قوانين العمل المنحازة لأرباب العمل.