نضال عمال سكك الحديد 1900 – 1946

نضال عمال سكك الحديد 1900 – 1946

كانت ورش سكك الحديد وعمال مد السكك تعد من الطلائع الأولى للطبقة العاملة السورية، ومركزاً لتجمع القوة العاملة التي بدأ العمل فيها في شهر أيلول عام 1900 بمد الخط الحديدي الحجازي، وقد استخدم في إنشاء هذه الخطوط عدد من العمال كان يتجاوز 3000 عامل و200 مهندس قضت على 40% منهم الأمراض والأوبئة السارية التي تفشت في صفوفهم، وخاصة السل والكوليرا

لقد صدر قانون العمل العثماني «تعطيل الأشغال» رقم 22/1 من العام 1909، وقطع هذا القانون أشواطاً بعيدة في خدمة الشركات الأجنبية حيث ألغى جميع النقابات التي جرى تأسيسها قبل عام 1909 داخل الشركات الأجنبية العاملة في سورية مثل شركة الخطوط الحديدية، وفي 28 حزيران 1913 قام عمال سكك الحديد في حلب ودمشق ودرعا بإضراب عام سعياً إلى زيادة أجورهم، وعلى الرغم من قلة عددهم فقد شكلوا الطلائع الأولى للطبقة العاملة السورية من حيث وعيهم، ولذلك ليس من المستغرب أن الإضراب الذي قاموا به ما بين عام 1912ـ1913 قد حقق لهم عدداً من المكاسب التي طالبوا بها بواسطة لجنتهم المنتخبة لهذا الغرض.
ولكن مما زاد أمورهم سوءاً تقليص أسبوع العمل في عدد من الفروع بين 2ـ3 أيام أو أربعة أيام، وكانت الأجور لا تحسب باليوم بل بالساعة، وهذا أتاح للشركات الإمبريالية تشديد استثمارها البشع، ولم يكن في سورية قوانين للضمان الاجتماعي، ولا قوانين لحماية العمل بل بالعكس فقد كان عمال السكك عندما يباشرون العمل يقدمون تعهداً خطياً بأنهم لن يشتكوا على المؤسسة في حال حصول أي حادث مفجع لهم أثناء العمل، وأنهم مسؤولون عن كل ضرر يحصل للآلات، ولهذا فإن قيمة إصلاح الآلات كانت تحسم من الأجرة، حيث أن العامل في حالة التسريح ليس له الحق في تعويض التسريح لهذا لم يهدأ عمال السكك وهم يطالبون بحقوقهم.
 في 19 تشرين 1920 اعتصم العمال في فرع حلب وأضربوا عن العمل، وفي 1934 نظم الحزب الشيوعي السوري إضراباً لعمال سكك الحديد والترام، وقد تمدد المضربون على خطوط السكة تعبيراً عن غضبهم، ودخلوا في معركة مع كاسري الإضراب والشرطة، واعتقل على أثرها ثلاثون مضرباً وقدموا للمحاكمة، وفي تموز 1946 شمل إضراب سكك الحديد جميع عمال السكك في المنطقة الشمالية خصوصاً عمال فرع حلب.