بصراحة: لماذا الحوار النقابي العمالي؟
كلمة «الحوار» أصبحت الكلمة الأكثر تداولاَ في الأوساط الاجتماعية، والسياسية، وهذا مفهوم بسبب الأزمة الوطنية العميقة، وما حملته هذه الأزمة من مخاطر حقيقية باتت تهدد الوطن برمته أرضاَ وشعباَ حيث أصبح إيجاد مخرج آمن من الأزمة يحافظ على وحدة البلاد والعباد، لها الأولوية، وتتحمل مسؤولية ذلك القوى الوطنية جميعها عبر تهيئة الظروف السياسية،
والاجتماعية، والأمنية الضرورية، التي ستجعل من الحوار بين أطراف الأزمة الذين لا يستقوون بالخارج سياسياَ أو عسكرياَ، انه المخرج الوحيد باتجاه الحل الجذري الشامل، والتدريجي لسورية التعددية الجديدة، كما أكد عليها الدستور السوري الجديد في مادته الثامنة، والتي لم تفعَل إلى الآن، حيث كانت الفرصة مواتية من الناحية السياسية عبر انتخابات مجلس الشعب، والتي عكست مجرياتها استمرار التحكم، والهيمنة لأجهزة الدولة، والمال السياسي بنتائجها، مما ولَد عند قطاعات شعبية واسعة تذمر، واستياء، وبأن الأمر باقٍ على حاله دون تغيير جدي، خاصة مع تصاعد حدة الأزمات المعيشية، وعدم إيجاد حلول حقيقية تخفف من وطأتها على الفقراء الذين يدفعون الضريبة مضاعفة بينما الأغنياء يزدادون غنىٍ فوق غناهم الذي تضاعف أكثر فأكثر في ظل الأزمة الحالية، حيث يحتاج هذا إلى وقفة جدية للتصدي لما يجري على صعيد جملة من القضايا التي لها علاقة مباشرةً بمستوى معيشة الفقراء لناحية تأمين متطلباتهم الأساسية«التعليم، الصحة، السكن، العمل، زيادة الأجور..الخ»، وهم أغلبية الشعب السوري الذي يستحق أن تكون كرامته مصانة في لقمته، وحرية تعبيره.
ما نود قوله بهذه العجالة، ومن التجربة الانتخابية التي مررنا بها، والتي عكست مزاجاَ شعبياَ عاماَ يريد التغيير الحقيقي، بالرغم من المشاركة الضعيفة، وبغض النظر عن النتائج المعلنة لهذه الانتخابات، فإن هذا يدفع للاستفادة مما هو قادم، ونعني به الانتخابات النقابية التي ستجري قريباَ، وتحمل أهمية خاصة، للوزن السياسي، والاجتماعي المفترض للحركة النقابية، والحركة العمالية في حياة البلاد والعباد، ومن الأهمية استعادة هذا الدور الذي كانت تحتلانه في مراحل سابقة لأسباب عده أهمها، أن الحركة النقابية كانت مستقلة في قراراتها، وبرامجها، وآليات عملها النضالية، وبعيدة عن هيمنة الأحزاب السياسية مع العلم كان يعمل في إطارها عمال ينتمون لأحزاب وطنية إيديولوجياتها مختلفة، ولكن هذا التنوع السياسي لم يؤثر على أن تكون النقابات مستقلة، بل كان مفيداَ للحركة النقابية والعمالية لأن هذا التنوع قدم كوادر واعية، ومجربة لقيادة النضال المطلبي، والسياسي دون احتكار أو استئثار لهذه القيادة مما انعكس إيجاباَ على مجمل الحركة، وقضاياها المطلبية.
إن قرب الانتخابات النقابية يجعل المراجعة لتجربة النقابات خلال العقود الفائتة أمراَ ضرورياَ انطلاقاَ من مصلحة الحركة النقابية والعمالية في التعبير المستقل عن المصالح التي تعبر في الوقت نفسه عن أوسع مصالح أغلبية الشعب السوري، ومراجعة التجربة الغنية للحركة النقابية عبر حوار معمق،و مسؤول داخل الحركة، وخارجها عبر الكتابة، والندوات، واللقاءات، ستقدم الحركة النقابية إذا ما تم هذا الحوار نموذجاَ وتجربةَ غير مسبوقين للقوى الوطنية، والشعبية بطريقة إيجاد الحلول، والمخارج لأية قضية مهما كان تعقيدها، مستخدمةَ طرقاً، وأساليب حضارية في الصراع، والتوافق على القضايا المختلف حولها، وهناك الكثير من القضايا داخل الحركة النقابية مختلف حولها، وكان هذا واضحاَ في مواقف العديد من الكوادر النقابية في الاجتماعات، والمؤتمرات، وعلى رأس ذلك الموقف من السياسات الاقتصادية التي تبناها الفريق الاقتصادي للحكومة السابقة، ومازالت الحكومة الحالية تسير بهديها، خاصةَ ما يتعلق بقضايا التسريح التعسفي للعمال في القطاع العام، والخاص، وانخفاض مستوى المعيشة غير المسبوق، وتفاقم الأزمات المتلاحقة، واستمرار طرح حلول قاصرة لقضية البطالة«قانون التقاعد المبكر».
إن مجمل القضايا التي أشرنا إليها تحتاج إلى حلول حقيقية، واستراتيجيات عمل للحركة النقابية تحدد الأهداف الرئيسية التي ستتصدى لها الحركة خلال الدورة الانتخابية القادمة، والتي هي مختلفة من حيث الظروف السياسية والاقتصادية، وآليات العمل المطلوب تبنيها، وفي مقدمة ذلك حق الإضراب للطبقة العاملة السورية الذي هو سلاحها الفعال لاستعادة حقوقها، والدفاع عن مكاسبها.