أصحاب البسطات... عمال سابقون
تعتبر بنية العامل والكادح السوري الاجتماعية من جهة، وقلة الخيارات المتاحة أمامه من جهة أخرى، التي أنتجتها عملياً السياسات الاقتصادية الليبرالية للحكومات السابقة، وانتهاج اقتصاد السوق الاجتماعي، السبب الرئيس في انتقال العامل أوتوماتيكياً قبل حدوث الأزمة وبعدها إلى الضفة الأخرى في العمل غير المنظم بمجرد خسارته عمله وتضيق معيشته، وذلك بديلاً عن عدم تخليه من مسؤولياته اتجاه معيشة عائلته، كباقي العمال السوريين الذين أقروا سلفاً: «بفتح بسطة خضرة بالشارع ولا بحتاج حدا»
إن العملية بعد أن أصبحت «حالة» حوَّلت الكثير من العمال في القطاع الخاص المنتج إلى أرصفة المدن ليتحولوا لبائعين متجولين أو«بسطاطية» وغالباً ما يقومون ببيع المنتجات المستوردة من التجار الذين يأكلون البيضة وقشرتها تاركين بضع ليرات لهؤلاء لتسد رمق العيش، ومن خلفه من «كومة» أبناء، ومع بداية الأزمة وتعمقها لاحقاً توقفت الكثير من المنشآت الصناعية والمعامل والورش عن الإنتاج، فأصبحت أرصفة المدن تعج بمختلف أنواع البسطات وأغلب أصحابها من العمال السابقين في القطاع الخاص، فهل من المنطقي أن يتحوَّل عامل النسيج بعد خبرة سنوات بائعاً للألبسة أو الجوارب على بسطة كي يستطيع الاستمرار في الحياة، من هنا تأتي الضرورة بوضع إعادة تدوير الإنتاج، وتشغيل المعامل المتوقفة في القطاعين العام والخاص من أولويات أصحاب القرار، والنقابات التي لم تستطع في كثير من الأحيان الدفاع بالشكل المطلوب عن عمال القطاع الخاص، يعتبر هذا الأمر ضرورة وطنية ملحة بامتياز لأننا ببساطة نحتاج هؤلاء العمال وراء خطوط الإنتاج، لا في بيع القداحات وأوراق اليانصيب.. وللحديث بقية!!.