من الأرشيف العمالي : احتدام الصراع الطبقي
أبو فهد أبو فهد

من الأرشيف العمالي : احتدام الصراع الطبقي

لقد شخص حزبنا منذ أواسط السبعينيات البنية الطبقية المستجدة في المجتمع السوري, وأشار إلى نمو الطبقة العاملة, وتحول البرجوازية الطفيلية إلى قوة مادية, وحذر من أخطارها اللاحقة, وأشار إلى تعاونها مع أوساط البرجوازية البيروقراطية اللتين تنهبان معاً الدولة والشعب

وقد ازداد في العقد الأخير الوزن النوعي للبرجوازية الطفيلية في الحياة الاقتصادية للبلاد من خلال تأثيرها على القرارات الاقتصادية, وهي إن كانت تهيئ نفسها اليوم للانقضاض على القرار السياسي أو للمشاركة في على الأقل, فإن المسؤولية الأساسية فيما وصل إليه الوضع في هذا المجال تتحمله البرجوازية البيروقراطية التي تحالفت تاريخياً مع البرجوازية الطفيلية في نهب الدولة والشعب معاً, وإذا أضفنا إلى ذلك الضغوطات الخارجية والتعقيدات في الوضع الإقليمي يصبح هامش المناورة لدى البرجوازية البيروقراطية ضعيفاً جداً, في ظل تراجع الحركة السياسية وضعف نشاطها في البلاد.
والمعروف أن البرجوازية الطفيلية تستمد قوتها, ليس من سعة قاعدتها الاجتماعية الضيقة جداً أصلاً بل من علاقاتها الدولية الاقتصادية  والسياسية مع النظام الامبريالي العالمي, ويزيد من وزنها النوعي تواطؤ أجزاء هامة من البرجوازية البيروقراطية معها, ومع أن تمركز الرأسمال قد بلغ حدوداً عالية لدى هاتين البرجوازيتين وأصبحت الحدود بينهما في مجال النشاط الاقتصادي متشابكة أحياناً كثيرة, وأصبحت ممارستهما للدور الوظيفي الذي يقوم به الرأسمال المالي عادة واضحة للعيان.
إن لا وطنية البرجوازية الطفيلية, أي قوى السوق الكبرى هو توصيف قديم لحزبنا,
ولكن المشكلة اليوم في ظل اختلال ميزان القوى الدولي والاقليمي, أن هناك أوساطاً هامة من البرجوازية البيروقراطية تبحث اليوم عن مساومة جدية مع البرجوازية الطفيلية ضمن إطار إعادة التقاسم الوظيفي تسمح باستمرار مصالحها التي يمكن أن تتضرر في ظل تنامي قوى البرجوازية الطفيلية.
إن تنفيذ برنامج قوى السوق جزئياً أو كلياً, إن كان من جهة سيغير الدور الوظيفي السابق الذي كانت تقوم به البرجوازية البيروقراطية, إلا أن نتيجته الأساسية ستكون احتدام الصراع الطبقي في البلاد وتبلوره بين القطبين النقيضين الأساسيين وهو ما سيدفع موضوعياً بالقوى المتضررة من هذا البرنامج إلى التحالف والتكاتف للوقوف في وجهه

قاسيون العدد 214 كانون الثاني 2004