من الأرشيف العمالي : الروابط الطبقية والانتماء الطبقي
أبو فهد أبو فهد

من الأرشيف العمالي : الروابط الطبقية والانتماء الطبقي

انعقدت المؤتمرات النقابية السنوية لهذا العام وقد تبين أن تقارير المكاتب النقابية المقدمة إلى المؤتمرات كانت جيدة بشكل عام من حيث تناولها للسياسة الوطنية السورية ومن حيث تصوير واقع الطبقة العاملة ومعاناتها، إلا أنه غابت الحلول في هذه التقارير، ولم يكن فيها موقف واضح وصارم من الدور السلبي الذي تلعبه البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية في عملية الاقتصاد وفي ازدياد إفقار الطبقة العاملة

فقد أكدت مداخلات المندوبين على تدني المستوى المعاشي للطبقة العاملة وتدني الأجور، وطالبت بربط الأجور بالأسعار وبتحديث القوانين بما يكفل حقوق الطبقة العاملة وتطويرها حتى تتمكن من العيش بشكل أفضل، كذلك طالبت بعض المداخلات بإعفاء الحد الأدنى من الضريبة، وبعضها طالب بإلغاء الضريبة، وقد تحدث أحد المندوبين قائلاً: «كنا نطالب بإلغاء ضريبة الدخل كوننا من ذوي الدخل المحدود، ولكن الاستجابة كانت عكسية إذ أضيفت ضريبة النظافة ونخشى أن تلحقها ضريبة الصرف الصحي كما يشاع». كما تطرق المندوبون إلى ضرورة زيادة التعويض العائلي وتأمين الطبابة المجانية للجميع وبالحوافز و... إلخ.
اتصفت معظم مؤتمرات هذا العام بحماس أقل من السابقة، وبتكرار بعض المطالب العمالية التي عبر عنها أحد العمال بقوله: «لقد مللنا من ذلك، نريد أن نسمع شيئاً جديداً، نريد أن نسمع أن العمال من خلال تنظيمهم النقابي قد حققوا انتصاراً لبعض المطالب، وتساءل: لماذا لم تلب هذه المطالب؟ علماً أنها عادلة وتنصف العمال». والملاحظ أن معظم المتحدثين لم يتكلموا عن خطر البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية في تخريب الاقتصاد الوطني كما في المؤتمرات السابقة. ترى هل هذا الأمر يعبر عن تراجع في الوعي السياسي لدى العمال أم ماذا؟ في الحقيقة «يلاحظ بيسر أن ظواهر سلبية أخذت تبرز في مسائل الوعي العمالي فيما يتعلق بالروابط الطبقية والانتماء الطبقي أو فيما يتعلق بالوعي السياسي والاقتصادي والمهني والقانوني، وتعود هذه الظواهر إلى عوامل عديدة منها تدني الأجور واستمرار الهجرة ورفد الطبقة العاملة بعمال جدد نتيجة الدوران السريع لليد العاملة، ويتأثر وعي الطبقة العاملة بتعدد الأعمال كالزراعة أو ممارسة عمل مأجور آخر، ويلعب مفهوم النقابية السياسية دوراً سلبياً في هذا المجال».
إن الطبقة العاملة قد بدأت ومنذ زمن تفقد ثقتها شيئاً فشيئاً بتنظيمها النقابي، وبدأ اليأس يتملكها بأنه لا جدوى من النضال المطلبي العمالي، فبالملموس يرى العمال كيف تعيش البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية في بحبوحة واسعة وتزداد غنى في كل يوم، وبالمقابل يزداد وضع العمال سوءاً وبؤساً وشقاء، ولم يعد أي عمل مأجور آخر يكفي حاجتهم من المأكل والملبس وشراء الحاجيات الضرورية وغير ذلك. ليس المطلوب في هذا المقال كيل المديح «للقادة النقابيين» كما جرى في بعض مداخلات المندوبين، لأن الأمر وصل إلى مرحلة حرجة ونعتقد أن الكثير قد تلمسها، والواجب يقضي قول الحقيقة والمصارحة.

قاسيون العدد /141/ قاسيون 1997