أذن من طين وأذن من عجين
منذ اللحظة الأولى للأزمة ظهرت أهداف العدوان الخارجي المعلنة بتقسيم الوطن أرضاً وشعباً، وقد فرض الرد عليه ليس الوسائل العسكرية فقط ولكن بإعلان الاستنفار إلى حدوده القصوى اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً لمواجهة الأزمة وتأمين البنية التحتية لاستمرار الإنتاج الوطني في ظروف الأزمة وذلك بنقل معامل القطاع العام إلى المناطق الآمنة، وتأمين حاجات المواطنين وضمان صمودهم في المعركة المستهدفة دمهم ولقمة عيشهم.
من هنا تعد محافظة السويداء حتى الآن من المناطق الآمنة، وتتواجد فيها معامل القطاع العام ومنها معمل الأحذية المنشأ منذ 1974 بخبرة فرنسية عمدت منذ التأسيس لتحقيق طاقة عالية للإنتاج تصل إلى تشغيل ما يزيد عن 2000 عامل على خطوط إنتاج مختلفة المواصفات.
وحتى الآن لا يُشغَّل المعمل إلا بطاقة إنتاجية بغياب 230 عامل مع توقف 70% من خطوط الإنتاج لأعذار كثيرة يرى العمال أنها واهية والدليل على ذلك ارتفاع أرباح المعمل بسبب توقف الأغلبية العظمى من معامل الأحذية .
وعوضاً عن تشغيل معمل الأحذية بكامل الطاقة الإنتاجية وتأمين فرص للعاطلين عن العمل كان الاكتفاء بعقود تشغيل عاملين لمدة 3 أشهر فقط وهذه الآلية لا تؤمن استمرار الإنتاج الوطني ودعم الصمود الشعبي في ظل ظروف الأزمة الخاصة خلال تأمين حاجات السوريين الأساسية ومنها تأمين الحذاء الجيد بالسعر الرخيص وخصوصاً مع افتتاح المدارس، وهو ما يرفع عن كاهل المواطنين جزءاً يسيراً من المستلزمات المعيشية الصعبة.
لم يعد ممكناً الأخذ بحسن النية اتجاه منطق الإهمال وإضعاف القطاع العام في ظل الأزمة الوطنية الشاملة وتلك العقلية هي حتماً تخدم بقصد أو بغير قصد أهداف العدو الخارجي المعلنة في تقسيم الوطن أرضاً وشعباً.
وظروف المواجهة تتطلب القطع الكامل مع جميع السياسات الاقتصادية والقرارات الخاطئة المعمول بها سابقاً والتي مهدت الطريق وفتحت الأبواب لتفعيل «المؤامرة» ودون معالجة تلك الأسباب الجوهرية ستبقى مولدات الأزمة تتفاعل تحت السطح وتعيد إنتاج أزمات جديدة بنتائج كارثية ومأساوية أكثر.
فكفى استهتاراً ولعباً بدماء ولقمة السوريين. يا أصحاب الآذان المحشوة بالطين والعجين والعقلية العاجزة عن خلق حلول وطنية جذرية.