العمال المصروفون من الخدمة والتناقض في القرارات
بجرة قلم تنهي أية وزارة، لا بل حتى رئاسة الوزراء، ودون أسباب مبررة عقد أي عامل مهما كان من ذوي الكفاءات والمؤهلات المطلوبة، ولتعلن بذلك انضمامهم إلى طوابير البطالة في ظل واقع اجتماعي واقتصادي صعب، ومترد في المجالات كافة، فرض أثره الثقيل على طبقات المجتمع بشكل عام، والفقيرة وأصحاب الدخل المحدود بشكل خاص.
لكن السؤال هو: لماذا يصر مسؤولون على أن يعيشوا حالة التناقض بين القول والفعل في إصدار قرارات تمس حياة مواطنين قدموا سنوات عمرهم في خدمة هذه المؤسسة أو تلك، ومع ذلك لا يتردد صاحب قرار الفصل والصرف في أية لحظة بتهميشه وإنهاء خدماته علماً أن البعض منهم أصبح على أبواب التقاعد؟ فهل من واجبات الحكومة التخفيف عن المواطنين أم زيادة معاناتهم في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد جراء الأزمة؟!.
عندما طرح موضوع العمال المصروفين من الخدمة على رئيس مجلس الوزراء خلال اجتماع المكتب التنفيذي معه بتاريخ 1/10/2012، وجَّه برفع أسماء العمال لدراسة كل حالة، ومعالجتها، فأرسل الاتحاد العام أسماء العمال وأضابيرهم إلى رئاسة مجلس الوزراء، وكان هناك معالجات لبعض الحالات وهي قليلة جداً «أربعين عامل فقط!!» نسبة لأعداد وأرقام المفصولين التي تجاوزت الآلاف، لكن السؤال المحيَّر هو: كيف توجَّه رئاسة المجلس برفع أسماء للدراسة، وهي الجهة ذاتها التي أصدرت قرار الصرف متحججة بالمادة 137من القانون رقم 50 لعام 2008، التي أصبحت سيفاً على رقاب المواطنين؟!!.
وللتأكيد أكثر لابُدَّ من توضيح بعضٌ التناقضات في القرارات التي تصدرها رئاسة مجلس الوزراء بهذا الشأن، والتي تدعو للاستغراب، فالتعميم رقم 111/15 تاريخ 19/6/2013، الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء إلى الجهات العامة حول جواز إعادة العامل المصروف من الخدمة، والذين تم الموافقة على إعادتهم، والذي يوجَّه بالإعادة إلى الجهة العامة التي كان يعمل بها العامل، وفي حال عدم وجود شاغر له يعاد إلى إحدى الجهات التابعة للوزارة نفسها إذا كانت هناك حاجة لخدماته.
الطامة الكبرى هنا التي لابد من توضيحها أن جواز الإعادة هو حق لرئيس مجلس الوزراء، وليس للجهة التي كان العامل يتبع لها ، فلماذا هذا الاستخفاف بحق عامل ذنبه الوحيد أن أحدهم رفع بحقه تقريراً كيدياً؟!.
يجري هذا في الوقت الذي لم يصدر أي قرار أو تعميم يلغي التعميم السابق الذي تم إصداره تحت الرقم 12283/1 تاريخ 5/12/2012، الذي يوجَّه الجهات العامة بعدم رفع طلبات الإعادة إلى العمل للعمال المصروفين من الخدمة.. أي تناقض هذا؟.