من الأرشيف العمالي : نهاية النفق المسدود
أبو فهد أبو فهد

من الأرشيف العمالي : نهاية النفق المسدود

دعونا نفكر بصوت عال، ونضع النقاط على الحروف انطلاقاً من مصلحتنا الوطنية، وهذا يتطلب أولاً أن نضع اصبعنا على الجرح مباشرة، وبغض النظر عن أي استياء عند هذا الشخص أو ذاك.

فعبثاً نتحدث عن محاربة الفساد، فالفساد هنا ليس سبباً بل نتيجة لتردي الوضع الاقتصادي، فاقتصادنا يعاني من النهب العشوائي والنهب المنظم، والذي يرتبط بشكل مباشر بالسياسات الاقتصادية المتبعة والتي سمحت بقوننة النهب من خلال السماح وغض النظر عن العمولات التي تحصل نتيجة إبرام العقود الخارجية والعلاقات الاقتصادية غير المتوازنة والتي تشجع على مثل هذا السلوك للحصول على عقود عمل أو تسويق منتجاتها عبر صفقات غير مبررة لبضائع لسنا بحاجة إليها وتساهم في منافسة إنتاجنا، كاستيراد الزيوت المهدرجة من تركيا على الرغم من وجود الزيوت السورية وبنوعيات جيدة، مما ساهم في تراكم المخازين من هذه المادة وسبب خسارة كبرى للمنتج السوري، وربح موقع العقد بشكل مباشر على حساب المصلحة الوطنية إذاً النقطة الأولى في معالجة الوضع الاقتصادي هي محاربة النهب المنظم والمتركز في مفاصل الإدارة الاقتصادية في البلاد، وهناك نقطة أخرى نرى أنه من الهام التوقف عندها حيث ساهمت في ضياع مليارات لليرات السورية التي صرفت بشكل قروض من المصرف الصناعي على مشاريع وهمية لا وجود لها على أرض الواقع، مما أضاع فرصة استثمار هذه المليارات في دعم الاقتصاد الوطني، فهل نستطيع أن نتساءل: كيف منحت هذه القروض؟ ومن المسؤول المباشر عن فقدان هذه المليارات؟ إن من المستغرب حتى الآن أنه لم يحاسب المسؤولون المباشرون عن عملية النهب المنظم المسببون الحقيقيون لتردي أوضاعنا الاقتصادية ومحاربة الفساد بقيت شعارً! فهل هؤلاء العابثون باقتصادنا الوطني هم فوق القانون ويتصرفون بمقدرات البلاد وكأنها إقطاعية لهم.
إن الوصول لنهاية النفق المظلم لا يتم بالحديث عن الإصلاح الاقتصادي لأن مواجهة النهب المنظم تتطلب بالدرجة الأولى تفعيل الرقابة الشعبية واستقلالية القضاء ونزاهته، وتفعيل دور السلطة التشريعية لممارسة دورها الرقابي على السلطة التنفيذية، فلا يجوز الخلط بين السلطات ولا يجوز للسلطة التنفيذية أن تكون أعلى من السلطة القضائية والتشريعية.
كما أن للحركة النقابية دوراً هاماً في مواجهة النهب المنظم من خلال تفعيل دورها بممارسة الرقابة الشعبية والدفاع عن الإنتاج الوطني وعن حقوق العمال، لأن دور الحركة النقابية ليس كما يظن البعض أن يبرر ويمرر السياسات الاقتصادية غير المنسجمة مع المصلحة الوطنية عبر التستر على سلبيات السياسة الاقتصادية منطلقين من أننا نحن والحكومة فريق واحد مما أثر سلبياً على العلاقة بين القيادة النقابية وقاعدتها ولهذا نحن نطالب بتفعيل دور حركتنا النقابية، وهذا يتطلب اعتمادها أكثر فأكثر على القاعدة العمالية، وعلى تفعيل دور الطبقة العاملة لمواجهة الأخطار التي قد تواجهها نتيجة للسياسات الاقتصادية التي تؤدي وبأشكال مختلفة إلى الانتقاص من حقوق عمالنا ومكتسباتهم.

قاسيون العدد 170 آذار 2002