إعادة إعمار الروح أيضاً

إعادة إعمار الروح أيضاً

العالم الروحي للإنسان بما يعنيه من ثقافة بفروعها المختلفة ومنها منظومة العادات والقيم والتقاليد وضمناً أشكال التواصل مع الآخر برباط الأمومة، أو الزواج والحب والصداقة والذكريات والتي تشكل جزءاً من كينونته، تتعرض في ظل الأزمة الراهنة إلى تدمير لا يقل فظاعة عما يتعرض له العالم المادي..

أمام كل جسد أودت به رصاصة، هناك أرواح تموت أيضاً، ومع كل غريق في بحار الموت بحثاً عن فسحة آمنة في بلاد الأغراب بعد أن ضاقت به البلاد هناك أرواح تُجرح، وكل من صعد سلم طائرة أو حافلة نقل «هارباً» من جحيم الحرب ينظر خلفه وكأنه يسأل عن موعد العودة إلى ما تبقى من داره وأهله..

تلح الأم العجوز في محافظة نائية على ابنها الوحيد الذي بقي معها: اتصلْ مع إخوتك في العاصمة، اطمئن عليهم، يرد الابن: الشبكة مقطوعة يا أمي..

الأم التي لا تعرف كيف تلفظ اسم الخليوي بشكل صحيح، تفيض تجاعيد وجهها بالدموع.. اللعنة! حرمونا حتى من سماع أصواتهم!!؟ الطفل الذي خطفوا والده يسأل والدته: متى سيعود بابا يا أمي؟ وليس لدى الأم ما تجيب سوى ابتسامة تخفي هماً لا تقوى الجبال على حمله!!

تعقد المؤتمرات، والصفقات وتطلق التصريحات عن إعادة الإعمار، دون أن يكون أحد في وارد إعادة اعمار ما تهشم من العالم الروحي و من النسيج الاجتماعي، وما خلفته وتخلفه الحرب من دمار من نوع آخر. 

فيقتصر الأمر على ما هو مادي فقط  (البناء والطرق والجسور.. ) وتقدّر الخسائر، وتتعدد الحسابات دون أن يحسب أحد دموع الأمهات، وساعات قلقهنّ على ابن غائب؟ دون أن يتطرق أحد إلى الحيرة في عيني زوجة لاتعرف مصير زوجها..؟

إن المطلوب أيضاً وضع الخطط والبرامج الكفيلة بمعالجة نتائج الحرب في مجال العالم الروحي أيضاً، وما تركته من آثار نفسية واجتماعية على الانسان السوري ...أم أنه لا يدرّ أرباحاً و بالتالي لا داعي له؟؟!