بين السيرقوني و السيكليما: البقاء أم العيش؟
يتصاعد مستوى الأدرينالين في خلايا جسده حتى يصل إلى أعلى مستوياته، يبدأ نبضه بالتسارع إلى حدود عليا متجاوباً مع رد الفعل اللاواعي على الخطر المحدق به.
بعد بضعة ثوان من بدء الركض السريع يبدأ باللهاث تجاوباً مع ازدياد حاجة جسمه للأكسجين، وفي الثانية الخامسة يبدأ تأثير الأدرينالين بالتراجع مع ضغوط العقل الواعي، الذي يذكره مع تدفق السيارات والحافلات الهاربة عبر الحاجز الذي فتح هرباً من رصاص الاشتباك بأن هناك عملاً عليه اللحاق به وركوب حافلة الموظفين، ينظر خلفه فيرى جموع الهاربين ركضاً مثل حاله على عرض الشارع، بحيث يمكنك أن تشتم بين رائحة البارود والوقود تصاعد رائحة الأدرينالين من أجساد الهاربين، يرفع يده مؤشراً للسائق، وتلتقي عيناهما، تنتقل عدوى الصراع نفسه إلى السائق، صراع بين خوفه وواجبه، تتغلب غريزة البقاء عند السائق لتوفر أدوات أشد فعالية لديه فالضغط على دواسة الوقود يتطلب جهداً أقل من الجري السريع المصاحب للهاث، في أجزاء من الثانية يصبح بمحاذاة الحافلة، الباب مغلق، يحاول الاقتراب، عله يتمسك بما يمكن القبض عليه لكن السرعتين غير متكافئتين، لا يمكنه زيادة سرعته أكثر من ذلك فهو يجري بالسرعة القصوى، لم يعد يجدي الالتفات إلى الوراء وإلى الجانب فقد أصبح هدفه ومهربه في اتجاه واحد، ينتقل الاشتباك إلى مكان آخر بعيداً عن مكان انتظار الموظفين لحافلاتهم، تبدأ سرعات الهاربين جميعاً بالانخفاض، وتتصاعد أصوات اللهاث، لا يجرؤون على العودة إلى مكان الانتظار، لكن أعينهم معلقة به، يتحرك أكثرهم جرأة للعودة، يلحق به آخرون، وبعد ربع ساعة من انطلاق أول رصاصة، تغيرت جموع الواقفين بواقفين جدد لا يحملون ذكريات تلك اللحظة ولا يدرون سبب احمرار وجوه بعض من مايزالون ينتظرون منذ أكثر من خمس عشرة دقيقة.