عندما تعاون المفكرون الماركسيون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية   تقديم لكتاب «من دفع لأبواق الماركسية الغربية؟»

عندما تعاون المفكرون الماركسيون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية تقديم لكتاب «من دفع لأبواق الماركسية الغربية؟»

يقدم كتاب «من دفع لأبواق الماركسية الغربية؟» الصادر الول من كانون الأول 2025، لغابرييل روكهيل تحليلاً جذرياً للتيار الفكري المعروف باسم «الماركسية الغربية»، معتبراً إياه نتاجاً أيديولوجياً للإمبريالية وليس تحديثاً للماركسية. يعتمد روكهيل على بحث أرشيفي معمق لتتبع علاقات التمويل والمصالح التي شكلت هذا الفكر، مقدماً قراءة نقدية لمدرسة فرانكفورت وإرثها.

 تحليل الجذور... الإمبريالية كبنية فكرية


يضع روكهيل الماركسية الغربية في إطارها المادي، معتبراً أنها نشأت ضمن «البنية الفوقية الإمبريالية» للدول الغربية الرائدة. هذه البنية تشمل جهازاً ثقافياً لإنتاج المعرفة، كان هدفه ليس محاربة الإمبريالية، بل إخفاءها وتشويه النضال ضدها وتقديم بديل فكري «آمن».
- التمويل والوظيفة: يكشف الكتاب كيف دعمت الطبقة الرأسمالية الحاكمة والدول الإمبريالية هذا التيار مباشرة. مثال على ذلك هو تمويل عائلة روكفلر لمشاريع فكرية بهدف الترويج لشكل من الماركسية يُحَيِّد النضال العملي لبناء الاشتراكية.
- التوجه الفكري: يصف الكتاب الماركسية الغربية بأنها ذات نزعة «مناهضة لمناهضة الإمبريالية». فهي، وإن استخدمت خطاباً نقدياً، غالباً ما ترفض دعم النضالات التحررية في الجنوب العالمي، مما يخدم في النهاية النظام الإمبريالي القائم.

الحالة الدراسية... نقد مدرسة فرانكفورت


يخصص روكهيل جزءاً مهماً من كتابه لتحليل دور مدرسة فرانكفورت، معتبراً إياها مساهماً تأسيسياً في الماركسية الغربية.
- التحول الجوهري: انتقلت هذه المدرسة من تحليل المجتمع تحت ضغط الفاشية إلى تشاؤم ثوري، حيث رأت أن الرأسمالية «الجديدة» قادرة على استيعاب الطبقة العاملة عبر الثقافة والاستهلاك، مما أفقدها قدرتها الثورية.
- النتيجة العملية: أدى هذا التشخيص إلى انسحاب نظري من النضال الطبقي الملموس، وخلق «نظرية نقدية» متوافقة تعزل الفكر عن الممارسة الثورية، وهو ما يتناقض مع المادية الجدلية التي تربط الوعي بالظروف المادية.
 

المشروع البديل: نحو ماركسية كونية مناهضة للإمبريالية


لا يقتصر الكتاب على النقد، بل يطرح مشروعاً بديلاً يستند إلى ما يسميه روكهيل «الماركسية الكونية» أو «الماركسية المناهضة للإمبريالية».
- المبادئ الأساسية: تركز هذه الماركسية على التناقض المركزي للإمبريالية وتقر بأن النضال الأساسي ضد الرأسمالية يجري في الجنوب العالمي عبر مشاريع بناء الدولة الاشتراكية، التي تشكل حاجزاً أمام الهيمنة الإمبريالية.
- المنهجية: تدعو إلى «اقتصاد سياسي لإنتاج المعرفة»، يكشف عن العلاقات المادية خلف التيارات الفكرية، وترفض الفصل الأكاديمي المجرد بين النظرية والممارسة، مؤكدة ضرورة الالتزام بالصراع من أجل تحويل العالم الواقعي.
في الختام، يرى روكهيل أن استعادة الروح الثورية للماركسية تمر عبر فضح العلاقة العضوية بين الماركسية الغربية والبنية الإمبريالية، والتخلي عن «التوافق» الفكري لصالح الانخراط في النضال الأممي ضد الاستعمار والإمبريالية ولبناء الاشتراكية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1257