عن «خطاب هادئ وموزون»
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

عن «خطاب هادئ وموزون»

يدفع الواقع المحتدم بأحداث متسارعة الناس إلى المشاركة في النقاش الجاري حول مختلف الأمور والمسائل ويسرع في عودتهم إلى النشاط السياسي الفاعل والذي غُيّبوا عنه لعقود مضت.

تقوم بعض النخب الثقافية والسياسية في سورية بتصنيف الناس حسب ما تراه هذه النخب وتلمسه ويَسِمها بصفات محددة وفق رؤيته، فالبعض ما زال متمسكاً بتوصيف «الأغلبية الصامتة» وهو تعبير جرى استخدامه في مرحلة سابقة وارتبط بسمات منها (الخوف، كتلة غير فاعلة... إلخ)، بينما يختزل البعض الآخر نشاط الناس السياسي الحالي بالضجيج «الفيسبوكي» ووسائل التواصل الأخرى. تظهر التصنيفات السابقة مشكلة عند «النخب» التي انتجتها. إذ توضح نقصاً واضحاً في معرفة المجتمع السوري والحركة السياسية وتاريخها ومشاكلها...إلخ. يعتقد البعض أن الفعل السياسي محصور بما تقوم به السلطة فقط، وتتخذه من مواقف وقرارات، وأن المجتمع والحركة السياسية في حالة عطالة وليس ثمة فاعلية بما تقوم به. إذ إن أقصى ما ينتج عنهما هو التعليق على ما يحدث. بينما يؤكد الواقع العكس تماماً.

يدرك السوريون حجم وعمق المسائل والقضايا التي تواجههم اليوم أكثر من أي وقت مضى. ويدركون أكثر الحاجة الملحة للإسراع في إيجاد حلول حقيقية وفعلية للأزمات المتراكمة منذ عقود، والأزمات المستجدة في الحاضر، وضرورة معالجتها بطرق إبداعية وغير مسبوقة.

يحاول مثقفون وفنانون وناشطون البحث عن آليات لمواجهة ما يحدث على الساحة الإعلامية والثقافية، من تجييش طائفي وتحويل حالة الرفض إلى قرار جماعي ومطالب واضحة للتأثير في الفضاء العام، فعلى سبيل المثال نظّم ملتقى نيسان الثقافي في جرمانا، جلسة حوارية ناقشت سبل مواجهة خطاب الكراهية وتعزيز ثقافة السلم الأهلي، بمشاركة مجموعة من الكاتبات والناشطات والمثقفين، منهم الكاتبة يم مشهدي التي اعتبرت أن «فهم الواقع السوري يتطلب قراءة متعمقة لتجربة السنوات الماضية زمن النظام البائد، مشددة على أهمية الانفتاح على مختلف المكونات من خلال زيارة المناطق المتضررة والتعرف على سردياتها المتنوعة».

وطرح المشاركون مقترحات لتشريعات وآليات إعلامية ومجتمعية تحد من نشر خطاب الكراهية وتعزز ثقافة الحوار. وأكدوا ضرورة سنّ قوانين تجرّم التحريض على الكراهية وتعزز ثقافة التلاقي والتفاهم، مشيرين إلى أهمية نشر ما يُعرف «بصحافة السلام» كأداة لبناء وحدة وطنية مستدامة.

وأوضحت مديرة الملتقى، أن المجتمع الأهلي ما زال بحاجة إلى تطوير أدواته وتوسيع نشاطاته، لافتة إلى أهمية خطاب النخبة المتزن والمسؤول في هذه المرحلة. بينما دعت الصحفية زينة شهلا، إلى «تعزيز العدالة الاجتماعية والأمان كمدخل لمواجهة الكراهية، مشيرة إلى ضرورة تمكين الأفراد ومنظمات المجتمع المدني لأداء دور فاعل في هذا السياق».

يحاول السوريون، والأمثلة متعددة، إيصال صوتهم وطرح خطابهم الحقيقي، خطاب هادئ وموزون، يضع مصلحة البلاد والعباد فوق كل الاعتبارات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1243