عن الشجاعة وما تعنيه الصحافة حقّاً
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

عن الشجاعة وما تعنيه الصحافة حقّاً

لطالما أتحفنا الإعلام بصورة منمقة وزاهية عن «الحريات الليبرالية» الغربية، ولكن ما يحدث في فلسطين يُظهر للعالم أجمع كذب وزيف ادعاءاتها ويفضح موقف مروجيها.

تمنح «منظّمة الإعلام الدولية للمرأة» (IWMF) ومقرها واشنطن جائزة «الشجاعة في الصحافة» لـ«تكرّم الشجاعة الملحوظة سعياً وراء التغطية الصحافية»، وتصف نفسها بأنّها «جريئة وشاملة تدعم الصحافيّين أينما كانوا»، وأنّ عملها «يعزّز تكافؤ الفرص وحرّية الصحافة في أنحاء العالم».
ولكن وبعد إعلان المنظّمة عن فوز الصحافية الفلسطينية مها الحسيني، المراسلة في غزة، بجائزة «الشجاعة في الصحافة» لعام 2024، تراجعت وسحبت الجائزة منها بسبب «وشاية» من موقع «واشنطن فري بيكون» الأمريكي اتهمها فيها بأنها «مؤيّدة لحماس ومعادية للسامية»! ونشر الموقع الذي غالباً ما يستهدف مؤيّدي القضية الفلسطينية مقالاً قال فيه إنها نشرت كاريكاتوراً ينتقد حرب الإبادة، وأنها نقلت عبر منشوراتها تجربتها الخاصّة كامرأة فلسطينية محاصَرة تحت الاحتلال، واعتبرت المنظّمة أنّ هذه المنشورات «تتعارض مع قيَمها»، مدّعيةً وبوقاحة واضحة أنّ جائزتها «تستند إلى النزاهة ومعارضة التعصّب»!
تقدم لائحة الجهات المانحة للمنظمة توضيحاً عن الموقف المنافق لمنظمة تدّعي مناصرة حقوق المرأة، فهي تتضمن «بنك أمريكا»، و«مؤسّسات المجتمع المفتوح» المملوكة لجورج سوروس، ومؤسّسة Luminate التي أسّسها الملياردير الأمريكي ذو الأصول الإيرانية الفرنسية بيار أميديار مع زوجته، وهو أحد مانحي الحزب الديموقراطي الأمريكي. ولذلك ليس غريباً عليها أن تستند إلى الوشايات لترتيب توزيع الجوائز ومنحها فقط لِمَن يقدِّم فروض الطاعة والولاء للوبي الصهيوني المتحكِّم بمفاصل الدعاية والتسويق والإعلام الغربي. ومها الحسيني ليست من هؤلاء، فقد نشرت منذ بدء حرب الإبادة عشرات التقارير الصحافية، وكان أحدها تقريراً يكشف الإعدامات الميدانية التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحقّ الفلسطينيّين، استخدمته جنوب إفريقيا كدليل في قضيّتها المرفوعة ضدّ كيان الاحتلال في «محكمة العدل الدولية».
وأكدت الصحافية التي تعرّض منزلها للقصف وأُجبِرت على الفرار للنجاة بحياتها عدّة مرّات، في منشور لها على أنّه «بدلاً من الاعتراف بالتهديدات التي يواجهها الصحافيّون الفلسطينيّون والمساهمة في حمايتهم، فإنّ قرار سحب جائزة من صحافية فلسطينية في غزّة يمكن أن يزيد من تعرّضهم للخطر واحتمال استهدافهم». وأكملت أنّه «إذا كان الفوز بجائزة يستلزم تحمّل جرائم الحرب ومشاهدتها مع التزام الصمت، فلا يشرّفني الحصول على أيّ جائزة. سأكون دائماً موضوعية في تقاريري، ولكن لا يمكنني أبداً أن أكون محايدة؛ سأشير دائماً إلى الجناة وأتضامن مع الضحايا. هذا ما تعنيه الصحافة حقّاً».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1181