أناشيد «أبو الزلف» على مسرح الأوبرا السورية.. تجربة ضد الابتذال
سامر محمد اسماعيل سامر محمد اسماعيل

أناشيد «أبو الزلف» على مسرح الأوبرا السورية.. تجربة ضد الابتذال

روايات كثيرة عن معنى «الزلف» ونشيده «هيهات عيني يا موليا» تروى عن هذا النوع الغنائي الشعبي الذي اختاره الموسيقي عدنان فتح الله في أمسيته الغنائية التي قدمها مؤخراً على مسرح دار الأوبرا السورية 24 أيار متابعاً مشروعه الفني مع الفرقة الوطنية للموسيقى العربية التي أسسها فتح الله مع نخبة من موسيقيي بلاده عام 1990؛

ليختار في حفله الأخير ــ «إنتاج وزارة الثقافة» إعادة لون صوفي من ألوان الغناء الشامي تمثل في غناء روائع التراث الشعبي المتمثل في «الزوالف السورية» التي ترجع بداياتها إلى المجزرة الشهيرة التي ارتكبها هارون الرشيد بحلفائه من البرامكة؛ إذ يرد الكثير من الباحثين في التراث الموسيقي السوري أنواع عديدة من «الزوالف الجزراوية - نسبة للجزيرة السورية أقصى شمال وشرق البلاد» إضافةً للزوالف الحلبية والريفية الساحلية والصحراوية؛ يردونها إلى قصة الجارية «دنانير» التي رفضت الغناء لهارون الرشيد بعد مقتل سيدها يحيى بن خالد البرمكي، والذي غنت له على قبره مع أترابها من الجواري ما يشبه لحناً بطيئاً مائلاً للحزن تميز به «أبو الزلف» أو «أم الزلف» أي صاحب أو صاحبة الأنف الجميل؛ حيث أتى المطلع كالتالي: «هيهات يا بو الزلف عيني يا موليا» أي «ابتعد عني يا صاحب الجمال والوسامة، وأنت عيني يا مولاي». المايسترو عدنان فتح الله - 1983 بدأ حفله في القاعة الكبرى لمسرح أوبرا دمشق بمقطوعة «سماعي عجم عشيران» لأمير البزق محمد عبد الكريم؛ حيث فاجأ الموسيقي السوري جمهوره ببرنامج حافل من روائع التراث في الموسيقى الشرقية مقدماً مقطوعة من مقام «تحميل حجاز» عمل فيها على صياغة لحنية جديدة وفق توزيع عالي المستوى؛ استلهم فيها روح الموروث الشعبي من أغنيات وأهزوجات وموشحات سورية؛ ليتبع ذلك تقديم الفرقة الوطنية للموسيقى العربية موشح «يا غريب الدار» لمؤلفه أحمد المشتكاوي؛ إذ أعاد الفنان كمال سكيكر توزيع هذا الموشح بأسلوبية لحنية ومقامية؛ عمل من خلالها على إبراز جماليات موسيقى الشرق؛ لتتفرد أمسية الفرقة الوطنية بعدها بوصلة مطوّلة من «الزوالف السورية» التي أطلت على مختلف هذا النوع الغنائي المحلي؛ وبتوزيع جديد حققه مدير الفرقة عبر مشاركة لافتة من الفنان عبد الناصر هاشم على آلة « الزورنا».

«رقة حسنك وسمارك» لسعاد محمد عن لحن لمحمد عبد الكريم قدمتها الفرقة العربية أيضاً، وبأداء كورال الفرقة بدلاً من أداء «السوليست» حيث كان التمرين على هاتين المقطوعتين صعبا للغاية؛ لا سيما العمل مع أكثر من عشرين مغن ومغنية تمرّنوا أكثر من شهر على إتقان العُرب الغنائية؛ وبتعاون فني لافت مع الموسيقي نزار عمران على الترومبيت؛ الآلة الغربية التي اشتغل عليها عمران لأداء مقامات شرقية بأسلوبية فنية تجاوزت شخصية آلة الترومبيت التي راجت كآلة كشفية في فرق المراسم وفرق موسيقى الجاز، منافساً آلة الناي في التخت الشرقي، وذلك بشراكة موسيقية مع الفنان إياد عثمان.

مفاجأة الحفل كانت مع مقطوعة «ليلة القبض على فاطمة» للموسيقي المصري عمر خيرت؛ حيث ينضوي هذا المزيج في مشروع الفرقة الوطنية لصون التراث الموسيقي بطريقة أكاديمية من ناحية التأليف الموسيقي والبناء الهرموني والتوزيع الأوركسترالي الذي يقدمه الفنان فتح الله مع فرقته منذ أكثر من عقدين من الزمن؛ إذ ليس سراً ان مشروع الفرقة الوطنية للموسيقى العربية بالإضافة لمشروع موسيقى صلحي الوادي؛ أنهما تجربتان قام بها قائد الفرقة لمواجهة ما يسميه «التيار المبتذل الذي كرّسه السوق عبر محطاته التلفزيونية التي سعت لتخريب الذائقة السمعية للمتلقي؛ لتستعد دار الأوبرا السورية حالياً لإنتاج أربعة ألبومات موسيقية للحفلات الأربع التي قدمتها الفرقة.

 

المصدر: السفير