الوجه الآخر!
يحل توقيت نشرة الأنباء، يتسمّر (X) أمام الشاشة، لعل الأثير يحمل خبراً غير أخبار الحرب والدمار وحديثاً لا يكون عن الطوائف والقوميات والمذاهب والأديان. ينتقل إلى محطة ثانية وثالثة.. ولكن عبثاً العبارات هي، هي، المشهد ذاته.. دمٌ يكاد يتدفق من الشاشة.. يضع «جهاز التحكم» جانباً، فهو لم يقتنع يوماً بالضلال الذي تبثه الشياطين القابعة في هذا الصندوق الناطق..
تباً!.. ما زالت هناك أشياء جميلة على هذه الأرض، لماذا لاترصدها أقماركم الصناعية، وكاميراتكم، وتقاريركم، وتحليلاتكم.. ثمة كلام آخر غير ما تبثه الشاشات!
-أول ما يتبادر إلى ذهن «أبو مكسيم» بعد أن يسود هدوء نسبي في بلدته أن تفتح المدرسة أبوابها، ينسّق مع هذا وذاك، يبادر وينجح في المبادرة.. «أن تسمع صوت الأطفال صباحاً في باحة المدرسة يعني أن الحياة ما زالت ممكنة» ..الكلام لـ«أبو مكسيم».
- تمرّ «جماعة» مدججة بالسلاح من أحد شوارع المدينة لتخوض حربها في مكان ما، في الشارع ذاته كان «كنان» منهمكاً في رسم لوحة على جدار أحد المنازل، لوحته عبارة عن «سرب فراشات وأزهار على بساط أخضر»، كنان يصرّ على أن يذكّر الناس بأنه ثمة شيء في الطبيعة اسمه فصل الربيع!
- «أبو المجد» يؤمّن في حارته سكناً لزميله في العمل بعد أن تحوّل بيت الآخر إلى حطام، يسارع أبناء الحي الواحد تلو الآخر إلى استكمال مستلزمات الدار دون أن يعرفوا دينه وطائفته ومذهبه.. يقول أبو المجد لزميله: أنت هنا في «سورية الصغرى»!
- تفرد صفحات التواصل الاجتماعي حيزاً واسعاً لمبادرة أهالي حلب، تقدم المبادرة نفسها: «حيادية تهدف إلى تقديم جميع الخدمات لأهالي مدينة حلب بكافة أطيافها، كما أن أعضاء المبادرة هم حياديون وملتزمون بذلك وغير منتسبين بأي حال من الأحوال لأي طرف من الأطراف» تحاول المبادرة أن تتصدى لمشكلة انقطاع التيار الكهربائي، وتنخرط في العمل الإغاثي، ومشكلة المفقودين..».
هي إشارات تأتي يومياً من كل الجغرافيا السورية.. من شمالها وشرقها وساحلها وجبلها، تتجاهلها أغلب وسائل الإعلام.. قد تبدو بسيطة ولكنها هي الوجه الحقيقي للإنسان السوري ..الذي يصرّ أن يكون حاضراً، وإن كانو يحاولون تغييبه.