ثرثرة انتقاديّة!

ثرثرة انتقاديّة!

يبدو أن صحفيّينا قد تفجّرت لديهم- على غفلة- موهبة النّقد أو حرفة النّقد الدّرامي- كما يؤلهاالبعض لنفسه- فأصبح النّقد بشكل عام لوثة تسري بين الجميع، وأضحت المواسم الدّراميّة الرّمضانيّة تفتح الشّهية لمزاد نقديّ يبعث على القرف المزمن، فلا يكفي أنّ لدينا كتّاب دراما لا يفقهون شيئاً سوى الكتابة -الحمد لله أنهم يفقهونها على الأقل- ولا يميّزون بين السّؤال والإجابة، وممثّلون يخال البعض نفسه غارسيا ماركيز أو طاغور أو حتى تشيخوف، فيأتينا صحفيّون وهبتهم لنا السّماء ليشبعوا شاشاتنا بالـ (نقد) ودون أساس أكاديمي، والأطرف بأنهم يسمّون أنفسهم بالكتّاب الصّحفيين والنّقّاد الدّراميين!! علماً أنّنا لم نر على الشّاشة أي خرّيج من المعهد العالي قسم النّقد يدلي بدلوه ويصرّح بهذه العنجهية بأنّه (ناقد درامي) بل أنّهم يعتبرون نقدهم لأعمال تلفزيونيّة أقلّ من مستواهم العلمي، ويقولون بصراحة إنّ النّقد التّلفزيوني ليس من اختصاصهم لأنّهم لم يدرسوه أكاديميّاً! 

 

ونرى في الوقت عينه محرّرين ليسوا خرّيجي إعلام أو حتّى أيّ فرع أدبيّ يدرّس آثار عن النّقد وليس لديه أيّ أرضيّة تدعو للثـّقة بآرائه، وصحفيّين(بالاسم) لم يدخلوا قصر العمل الصّحفيّ إلاّ البارحة العصر، وكلّ واحد منهم يجلس في برجه العاجيّ ويفنّد ويفصّل ويحلّل ويهاجم ويعلن سقوط مسلسل مع ورقة نعوة ونجاح مسلسل آخر مع بطاقة عرس وتهليل وفوق كل ذلك يلقّب نفسه بـ(ناقد)!! ترى هل أمسى النّقد كالغناء والزّعيق المجانيّ مهنة الّذي لا مهنة له؟،فلا أُدرك النّقد إلاّ فنّ تقديم الجمال ونبذ البالي.. وما نراه الآن هو كلام مجّاني عابث كيفما اتّفق لمجرّد الانتقاد ليس النّقد، بدون لغة أدبيّة أو علميّة أو شواهد فنيّة دقيقة، لمجرّد الظّهور الإعلامي والثـّرثرة على حساب جهود الآخرين مهما كانت. فلو قمنا مثلاً بجولة ميدانيّة سنجد بأنّ آراء المشاهد العاديّ في بيته أعمق وأصدق وهو غير مختصّ ولكنّه معني في جميع الأحوال. إلى متى سنتحمّل هؤلاء الّذي أقلّ ما يمكن القول فيهم أنّهم مرتزقة الصّحافة وأقزام انتقاد وسفسطة رخيصة كالشّتائم الّتي تكيلها نساء باب الحارة لبعضهن البعض؟؟

نرجو من المشرفين على ظهور مثل هؤلاء الأشباح والغربان بأن يوقفوا هذا السّيرك التّهريجيّ الهزليّ والهزيل والّذي لا يليق بالفنّ السّوري والدّراما السّوريّة مهما كانت عليه في هذا العام أو في غيره.