كيف ترى الكتب أزمة بريطانيا
لؤي محمد لؤي محمد

كيف ترى الكتب أزمة بريطانيا

شهدت بريطانيا في السنوات الأخيرة «2020-2022» انخفاضاً كبيراً في مبيعات الكتب، وأغلقت مكتبات بأكملها. كما سجلت بريطانيا المأزومة ارتفاعاً ملحوظاً في الكتب التي بدأت تبحث في جذور الأزمة البريطانية، رغم قلة عدد الكتب الصادرة.

حول الاقتصاد

صدر كتاب جديد لتوم هينز دوارن بتاريخ 18 تشرين الأول الحالي بعنوان «خرج عن مساره: كيفية إصلاح السكك الحديدية البريطانية المعطلة» ويتحدث عن تاريخ السكك الحديدية، واقترح سلسلة من الحلول لتحسينها.
في عهد حكومة جون ميجور جرت خصخصة كبرى للسكك. ويبدو أن الرأسماليين قد غرقوا إلى حد كبير بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، فنفذوا عمليات الخصخصة الواسعة معتقدين أن الطبقات العاملة لن تهددهم بعد اليوم. وبحلول عام 2003 كان هناك 25 شركة تعمل في مجال القطارات وست شركات شحن وثلاث شركات قطار، واثنتان من وحدات التحكم بالبنية التحتية وسبعة مقاولين رئيسيين لصيانة البنية التحتية.
رافق ذلك ارتفاع كبير في الأسعار، وتسريحات تعسفية واسعة. ومن بين ثماني دول أوروبية كبرى، تمتلك بريطانيا أعلى أسعار للذروة، وأعلى أجرة في أي وقت، وأعلى أسعار خارج أوقات الذروة (باستثناء المسافات القصيرة، حيث تأتي في المرتبة الثانية بعد ألمانيا)، بالإضافة إلى أغلى التذاكر الموسمية. تحتل بريطانيا المرتبة الثانية والعشرين من بين 29 دولة أوروبية من حيث الالتزام بمواعيد القطارات!
وصلت شركات السكك إلى التحايل والتهرب الضريبي منذ 2012. وخفضت الحكومات المتعاقبة رسوم الوقود كل عام، مما تسبب في انخفاض قدره 19 مليار جنيه إسترليني سنوياً في الدخل الحكومي (وفقاً لقيم اليوم).
يقول توم دوران إن مقدار الدخل الضريبي المفقود كل عام نتيجة تخفيضات رسوم الوقود يكاد يكون ضعف الدخل السنوي للسكك الحديدية من الأسعار. في الواقع، هو أكثر من إجمالي دخل الركاب في السكك الحديدية والحافلات مجتمعة. بمعنى آخر، مقابل نفس المبلغ، كان من الممكن جعل النقل العام مجانياً.
لم يكن هدف الخصخصة تحسين الخدمات، ولكن السماح للشركات بالاستفادة من الحاجة إلى النقل. وكما هو الحال دائماً حسب قول توم دوران فالرأسمالية هي المشكلة وليست الحل. ويضيف دوران: لقد نجحت نقابات السكك الحديدية في الدفاع عن نفسها من أسوأ الهجمات على أجورها وظروفها. وعلينا جميعاً أن نعمل معهم، وأن ندعم نضالهم لتحمل المسؤولية وتولي زمام الأمور.
كما صدرت العديد من الكتب التي وثقت للاستعمار البريطاني وجرائمه بحق الشعوب، ودور بريطانيا في تأسيس تجارة المخدرات العالمية والقرصنة البحرية العالمية. بالإضافة إلى جرائم الرأسمالية البريطانية على الصعيد العالمي. وعلى رأس تلك الكتب ما أصدره قادة عمال المناجم وأعلانهم الفريد في العام الماضي: بريطانيا الصناعية لم تعد موجودة، وكتب هؤلاء العمال في سلسلة من الكتب والمقابلات الصحفية عن تاريخ نضال عمال المناجم في بريطانيا منذ القرن التاسع عشر، وصولاً إلى إغلاق المناجم في عهد مارغريت تاتشر نكاية بالعمال. قضت الحكومات البريطانية على العصب الذي جعل منها قوة صناعية كبرى لمدة تزيد عن قرنين، وصارت البلدات العمالية قرب المناجم أطلالاً خاوية بعد أن هجرها العمال.

تاريخ العلم الأحمر

يدين الشيوعيون والاشتراكيون في بريطانيا ومن لديهم اهتمام بالتاريخ الويلزي الحديث والتاريخ السياسي بالامتنان لدوغلاس جونز الذي وثق في كتبه الأخيرة تاريخ صعود العلم الأحمر في ويلز، مثل كتابه الذي حمل عنوان «الحزب الشيوعي لبريطانيا العظمى والمسألة الوطنية في ويلز 1920-1991» الصادر عن مطبعة جامعة ويلز.
أجرى جونز أبحاثاً واسعة عن الحزب الشيوعي في ويلز صاحب الجذور القوية ليس فقط في حركة الطبقة العاملة فقط، وإنما في الثقافة الويلزية أيضاً. وكانت منظمة الحزب الشيوعي في ويلز إحدى المنظمات الرئيسية والمؤسسة للحزب الشيوعي. معظم أعضائها من عمال المناجم والسكك الحديدية والعمال الصناعيين الآخرين. لقد نبذ العديد من الأعضاء النقابية التي كانوا ينتمون إليها قبل الحرب العالمية الأولى. وجذبت النضالات الطبقية والسياسية الدرامية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي انتباه الشيوعيين في ويلز بشكل كبير. وكانت ويلز نقطة ساخنة للصراع بين الحزب الشيوعي وحزب العمال.

البيئة والمناخ

صدر في بريطانيا عدد من الكتب التي تناقش ضرورة تغيير النظام الرأسمالي بنظام أكثر عدلاً لحل الأزمات البيئة والمناخية. مثل كتاب مارتن إمبسون بعنوان «تغيير النظام وليس تغيير المناخ» الذي يصرّ على أن الأزمات البيئية المتعددة التي تشكل تهديداً كبيراً للبشرية بما في ذلك تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي ناتجة عن طبيعة المجتمع الرأسمالي، وينتقد في الوقت نفسه أولئك الذين يجادلون بأنه يجب علينا تغيير أنماط حياتنا الفردية، مؤكداً ضرورة تغيير النظام الرأسمالي أولاً، أي استبدال الرأسمالية بنظام اشتراكي لحل أزمات المناخ والبيئة.
في كتاب «آباء من أجل المستقبل» دعوة عاجلة لاتخاذ إجراءات جذرية بشأن أزمة المناخ التي تسببها السياسات العالمية المسببة للكوارث والفوضى. وهي دعوة للجميع من أجل العمل على حماية الحياة على الأرض وحماية المستقبل البشري. ويقترح الكتاب إنشاء مجالس لجميع المواطنين لأن النظام السياسي يحمل تهديداً كبيراً لأنه قاتل على المدى القصير.
ويطرح كتاب «مأساة العامل» أفكاراً تنذر بالانهيار الذي يلوح في الأفق للنظام البيئي الطبيعي على يد الرأسمالية. هذا الكتاب من إعداد مجموعة مؤلفين يسلطون فيه الضوء على المنطق الإبداعي المدمر للرأسمالية من حيث تاريخها والضرر البيئي الذي أحدثته. ويقول المؤلفون إن الزيادة المتواضعة في درجة الحرارة العالمية بنسبة 1.5% تؤدي إلى موجات حرارية قاتلة، ورياح شديدة، وحرق الغابات، وغمر 60% من سطح الأرض، وفقدان 20-30% من أنواع الحيوانات والنباتات.
يكشف الكتاب عن الجوانب الفاشية للرأسمالية. ويشير الفصل الختامي إلى أن «الشيوعية المنقذة» ستكون الأمل الوحيد والأفضل للبشرية.

كتب أخرى

صدرت كتب أخرى تتناول تاريخ النقابات البريطانية أو تاريخ السير الذاتية للقادة الشيوعيين في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي. ودور الجماهيرية في الثورة الفرنسية «رواية هادفة للعمال». بالإضافة إلى بعض الكتب التي تتناول تاريخ الحزب الشيوعي.
لا يملك البريطانيون اليوم حزباً حقيقياً للطبقة العاملة رغم وجود عدة أحزاب وفعاليات وصحف ومكتبات ومعاهد ماركسية، ولكن توجد بعض الأفكار هنا وهناك في الكتب والصحف، والتي بدأت تظهر في السنوات الأخيرة بشكل أكبر من السابق. وقد يحمل المستقبل وتطورات الوضع البريطاني تصاعداً أكبر لهذه الأفكار.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1093