مزور التاريخ الأبيض
يبذل القائمون على منصة ويكيبيديا جهوداً كبيرة للظهور بمظهر «المحايد»، وإن لم يظهر هذا الحياد في الكثير من القضايا. وتزيد سخونة الصراع السياسي في العالم من كشف القناع الذي يدّعي الحياد في هذه المنصة، ليبدو أكثر وضوحاً دور ويكيبيديا كمزور للتاريخ، وكأداة للحرب الإعلامية.
فالعدو الطبقي لشعوب العالم يستخدم أقصى ما يملك من أدوات في هذه اللحظة بالذات، ونستطيع ضرب الأمثلة التي سقط فيها حياد هذه المنصة:
حول القضية الفلسطينية: ماذا يعني الحياد في القضية الفلسطينية؟ الحياد هنا وقوع مباشر في الفخ السياسي للاحتلال. وتبدأ المنصة تزور التاريخ الفلسطيني بدءاً من تعريف القضية الفلسطينية عبر المساواة بين الشعب الفلسطيني والغزاة المحتلين، وليس آخراً تحييد مفاصل مهمة من التاريخ الفلسطيني وصولاً إلى اللحظة الراهنة.
حول الشيوعية: أسلوب «المساواة» الإعلامي ليس بالجديد على العدو الطبقي لشعوب العالم، ففي العقود الماضية، لم توفر أدوات الإمبريالية الإعلامية جهداً من أجل مساواة الشيوعية بالنازية، وهو من أساليب الحرب الإعلامية الرئيسية ضد الشعوب.
نالت الثورة الصينية نصيبها من تزور التاريخ، وكذلك ثورة أكتوبر الاشتراكية، وحصل ستالين على حصة الأسد من هذا الهجوم الطبقي، ومن يريد قراءة التاريخ السوري من منصة ويكيبيديا، وخاصة ما يتعلق بتاريخ الحركة الوطنية والاجتماعية، سيحصل على تاريخ يناسب السياسية الأمريكية الحالية.
كتبت جريدة «ليتاراتورنايا غازيتا» بأن ويكيبيديا تحولت في الوقت الحالي إلى لسان حال ضد روسيا، كما كشف موقع «أوكاريينا رو» أن الأجهزة النازية السرية تدفع الرواتب إلى مئات المزورين حول العالم بالتعاون مع منصة ويكيبيديا لضخ أكبر قدر ممكن من المعلومات الكاذبة والأحداث التاريخية المزورة والأدب المزور.
يجري أيضاً استخدام عدد كبير من الهواة مجاناً، عبر أداة «الموسوعة الحرة»، ومع ذلك تحيط ويكيبيديا نفسها في القضايا الأخرى بمظهر الحياد.
ويتكامل دور ويكيبيديا هنا مع دور غوغل وفيسبوك وأمازون ونتفليكس وهوليوود وبقية الأدوات الإعلامية الخبيثة. حتى أن محرك البحث الخاص بغوغل يضع روابط ويكيبيديا في النتائج الأولى، ويتحكم بخيارات المستخدمين عبر الخوازرميات.
فهل تحتاج البشرية حقاً إلى خدمات هذه الأداة الموسوعية شكلاً والعدوانية فعلاً؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1087