يا مهيج الصَّعَو
في الأمثال الشعبية الشفهية، صور عميقة عن حياة الناس الاقتصادية الاجتماعية، العلاقات اليومية، العادات والتقاليد. والحكمة الشعبية هي ملخص تعب الناس وتجارب البشر خلال فترات طويلة جداً من التاريخ.
ولهذه الأمثال جانبان على درجة متفاوتة من الأهمية حسب المثل ومعناه ورسالته: الجانب الأول هو الجانب المباشر، أي الحدث الذي ضرب فيه المثل وأصبح شائعاً بين الناس، بالإضافة إلى معناه اللغوي، واستعاراته وتشبيهاته الضاربة عميقاً في التراث. أما الجانب الثاني، فهو المحتوى الفلسفي الذي يمكن أن تحمله الحكمة الشعبية أو المثل الشعبي.
على سبيل المثال: «يا مهيج الصعو»، هو مثل شعبي فراتي من دير الزور، وقد يكون معروفاً في المناطق المجاورة من سورية والعراق، في وادي الفرات والمناطق الأخرى.
مهيج الصَّعَوْ: الصعو هو طائر القبرة الذي يستيقظ صباحاً ويبدأ التغريد قبل غيره من الطيور فتستيقظ بقية الطيور على صوته وتغرد. والإنسان الذي يستيقظ باكراً إلى العمل قبل غيره يقال عنه مهيج الصعو. وقد قال أحمد شوحان في كتابه الصادر عام 1985 عن الأمثال الفراتية إن المثل يضرب فيمن يستنهض همم الناس فيقومون قومة واحدة.
ماذا يشبه مهيج الصعو في العالم المعاصر؟ ألا يشبه المناضلين الطليعيين رغم أنه تعبير شعبي من الأقوال المأثورة التي قد يصل عمرها إلى مئات السنين. أي قبل أن تعي البشرية مفهوم المناضلين الطليعيين بالشكل الذي هو معروف اليوم بتأثير انتشار الأفكار الاشتراكية منذ القرن التاسع عشر. فمن هو مهيج الصعو المعاصر في هذه الحالة؟
تشبه الطليعة المنظمة للشغيلة، طليعة المناضلين في سبيل عالم جديد بديل عن الرأسمالية، في سبيل اشتراكية القرن الواحد والعشرين، طائر الصعو باللهجة الفراتية الديرية أو طائر القبرة بالعربية الفصحى. الذي يغرد قبل غيره من الطيور إيذاناً بقدوم الصباح وبدء اليوم الجديد، فتستيقظ الطيور وتغرد من بعده. أما طليعة الطبقة العاملة، فتحمل رسالة إيقاظ وعي الطبقة العاملة نحو مطالبها الآنية من جهة، وإيقاظ وعيهم للنضال من أجل الاشتراكية في المستقبل من جهة أخرى.
فيا أيها الصعو المعاصر، أيتها القبرة المعاصرة، هذه الإنسانية قالت كفى للحرب والفاشية والرأسمالية والصهيونية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1073