«نلتقي في شهر آب».. آخر روايات ماركيز
قبل رحيله في الأسبوع الماضي، كان الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز يعيش بعيداً عن الجو الإعلامي، إذ جعله المرض الذي عانى منه لسنوات طويلة، يُقلّ من أحاديثه الصحافية وتصريحاته. صحيح أنه تنقل في بعض السفريات القليلة، لكنه حافظ على «عزلته» بعيداً عن الحياة العامة، بالرغم من كل الإغراءات التي تعرض لها، كأن يُفتتح متحف باسمه، أو أن يُطلق اسمه على مؤتمر هنا أو هناك.
كل الإشارات كانت تدل على أنه كان يرغب في شيخوخة بعيدة عن الضوضاء في انتظار الرحيل الكبـير، أو ربـما «العزلة الأخيرة». من هنا، كانـت الأنباء الواردة تشير أيضا إلى أنه مبتعد عن الكتابة، وتحديدا الكتابة الروائية، إذ آخر كتبه كان رواية «ذكرى غانياتي الحزينات» (ترجمها صالح علماني إلى العربية وصدرت عن «دار المدى») التي صـدرت العـام 2004 والتي يتـحدث فـيها عن رجل بلـغ التسـعين مـن عمـره، يتذكر أنه في شبـابه كـان يتـردد بانتظام إلى المواخير، لدرجة أن العديدات من بنات الهـوى اخـترنه «زبون السنة». عشية ميلاده التسعين، تذكر أنه لم يذهب إلى هذه المنازل منذ عشرين سنة، من هنا دفعته روزا كاباركا، إحدى «مديرات» هذه البيوت إلى العودة، إلا انه اشترط عليها أن تكون الفتاة.. عذراء.
روايته هذه ـ وإن لم يجد فيها الكثير من النقاد روحية ماركيز ولا أسلوبه الكبير ـ اعتبرت بمثـابة تحـيّة إلى الكاتب اليـاباني ياسـوناري كاواباتـا وإلى روايته «الجميلات النائمات». إذ نعرف ما كتبه ماركـيز عن روايـة الكـاتب الياباني التي اعتبرها من أجمل روايات العالم وبأنه يتمنى لو أنه هو من كتبها.
في أي حال، لن تبقى رواية «ذكرى غانياتي الحزينات» الرواية الأخيرة لماركيز، إذ أعلن كريستوبال بيرا، من دار نشر «راندوم هاوس» في حديث مع الإذاعة الكولومبية (تناقلته العديد من الصحف البلجيكية وبخاصة «لو سوار» و«بلجيكا الحرة») أن هناك رواية أخيرة، ستصدر لماركيز قريبا، (بعد رحيله بالطبع).
التفاصيل القليلة التي أعلنت عن هذه الرواية، تفيد بأن الكاتب كان يعمل عليها منذ سنين، وقد غيّر فيها كثيرا في السنوات الأخيرة مثل عادته، إذ كان مشهورا عنه أن يعيد كتابة الرواية لمرات ومرات قبل أن يختار الصيغة النهائية كما أُعلن أن الرواية تحمل عنوانا مبدئيا هو «نلتقي في شهر آب»، وستصدر بشرط أن توافق عائلة الكاتب على عملية النشر.
الرواية التي أخفى ماركيز أنه يعمل عليها من سنوات، تروي قصة امرأة كانت تقوم يوم 16 آب من كلّ سنة بزيارة إحدى جزر الكاريبي حيث قبر والدتها المتوفاة. وعلى الرغم من أن هذه المرأة متزوجة وسعيدة في حياتها الزوجية، إلا انها التقت ذات يوم برجل حدثت بينهما مغامرة غرامية ذات رحلة من رحلاتها، وتمنت أن تُستعاد هذه المغامرة في كل زيارة لها من ذاك اليوم من شهر آب.
متى تصدر الرواية؟ لا شيء واضحا إلى الآن. لكن بالتأكيد لن تنجو ـ حين صدورها ـ من هوس «الماركيزيين» الذين بدأوا انتظارها من هذه اللحظة.
المصدر: السفير