قصة من الأزمة الأرمينية..
في أرمينيا، هناك أزمة منذ سنوات، وحرب على الحدود، والقصة ليست هنا، ففي أرمينيا، يعارض الحزب الحاكم المعارض السابق، الحزب الحاكم المعارض الحالي. المعارضة تعارض المعارضة، المعارض الحاكم يصبح معارضاً حاكماً سابقاً، والمعارض السابق، يصبح معارضاً حاكماً حالياً.
وهكذا يعيش جميع المعارضين سعداء، ويبقون معارضين عنيدين ولو حكموا! المعارضة تعارض، والرئيس معارض، والجيش معارض، والفراشة تعارض، والنمل يعارض، ويبدو أن اسم «المعارض والمعارضة» مفيد في سوق الأزمة الأرمينية. ويستمر سباق «من يعارض المعارضة» في أرمينيا منذ تسعينات القرن الماضي. ففي أرمينيا، يدعي الليبراليون معارضة أنفسهم على طريقة الفيل والحمار الأمريكية.
الشعب غير سعيد، فالمعارضة تعارض المعارضة، ولكن الشعب يعارض الحرب، والخصخصة، والضرائب العالية، والأجور المنخفضة.
الشعب يعارض الوضع القائم حالياً، والشعب يريد التخلص من إرث ثلاثة عقود ماضية، وذاكرته التاريخية مليئة بأحداث ما قبل 100 عام. فالشعب هنا ليس أرمينياً فقط، بل هو شعب أذربيجاني جورجي شيشاني داغستاني أوسيتي أبخازي أرميني .... إلخ.
قبل حوالي 100 عام، كانت الصورة مختلفة، وظهرت كومونة باكو في آذربيجان بقيادة شاوميان، وأنشأت الطبقات الكادحة جمهوريتها القفقاسية الموحدة، التي كانت قره باغ جزء منها. وأعلنت الجمهورية السوفييتية القفقاسية الوليدة حل مسألة القوميات في القفقاس، وتأسست مجالس العمال وشغيلة الزراعة والفلاحين والرعاة والرحل «السوفييتات» في أكثر المناطق تخلفاً في ذلك الوقت.
ومن صورة 1921 وصورة 2021، الشعب يريد بلداً جديداً، تغييراً جديداً يصب في مصلحته، وتريد المعارضة معارضة المعارضة، وتحويل البلاد إلى دكان للمعارضة على طريقة الفيل والحمار، وإلى جبهة ساخنة على الحدود تبتلع جنود البلاد وسكانها.
والقصة هنا ليست أرمينية خالصة، بل هي قصة آذربيجانية أيضاً، وهي قصة أمريكية وفرنسية وماليزية وإثيوبية وسودانية في العديد من جوانبها، فهي قصة الأزمة التي تجر إليها بلدان وشعوب العالم بالتتابع، ويرتفع منسوبها من بلد إلى آخر.
في أرمينيا، هناك أزمة منذ سنوات، بدأت تظهر للعموم على شكل احتجاجات صغيرة بعد رفع أسعار الكهرباء بنسية 16% سنة 2015، ليرتفع منسوب الأزمة عام 2018 إلى احتجاجات أشمل، ولتصل في مرحلة أخرى إلى حالة الحرب. بينما المعارضة تعارض نفسها، والشعب يريد السلام والحياة الكريمة.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1008