نقاش بين صديقين

نقاش بين صديقين

كتب له رفيقه فلاديمير رسالة يقول فيها: «أنت وحيد، ولديك حياة واحدة، فابحث لنفسك عن المزيد من السعادة، وابذل جهدك حيثما كنت من أجل أن تكون حالك أفضل».

تلك كانت رسالة صديق، رسالة تمجد الفردانية، وتدعو للدفاع عن الفرد المجرد، وترك الدفاع عن مصالح الناس.
أما تشيكماريوف، فرد على صديقه برسالة قصيرة يؤنبه فيها قائلاً:

«يستنتج من ذلك أنه لا مبرر لأي تفانٍ، وأي نكران ذات في سبيل مصالح الناس، أو من أجل المستقبل! فالشوك سينبت على قبرك من كل بد عندما سيحل ذلك الزمان. إن أخطر ما في هذا التفلسف الأحمق، يكمن في التمويه الماهر جداً للانتقال من المنطلقات الصائبة إلى الاستنتاجات الخاطئة تماماً، ويقترن ذلك بالتظاهر بالدفاع عن أعمق المصالح الجذرية العاطفية للفرد»

توفي سيرغي تشيكماريوف، قائد الحركة الكولخوزية في جمهورية باشكيريا السوفييتية ذاتية الحكم عن عمر ناهز 23 عاماً فقط، بعد أن ساهم في إطلاق العنان ودفع الحركة الكولخوزية في الريف إلى الأمام.

وهكذا، عندما تنتصب أمام البشرية قضايا عاجلة تتطلب الحل في زمن الأزمات، عندما تتراكم الثروة في قطب واحد من المجتمع، وفي نفس الوقت يتراكم الفقر والبؤس في القطب الآخر، وعندما تنمو بذور الغضب عند الناس، يظهر نموذجان من الأصدقاء يقفان على نقيض أحياناً، أحدهما: يريد أن يساهم في دفع الحركة إلى الأمام باسم الدفاع عن مصالح الناس، والآخر: يعرقلها باسم الدفاع عن الفرد المجرد.

وقد تبدو بعض النقاشات الصغيرة المشابهة بريئة، وبعضها الآخر قد يكون خطيراً، وكم هي كثيرة الحدوث في الزمن الحالي. فبعض النقاشات بين الأصدقاء ينتج عنها انتشار الفكرة الصحيحة، وبعضها الآخر يضع الصديقين على نقيض، وتنهار الصداقة أمام الصراع.

كتب كل منهما فكرتين في نضال الأفكار، الواحدة ضد الثانية، ولكن التاريخ سيحكم على الفكرتين، والحياة ستثبت من كان على حق، عندما تصبح للفكرة قوة عندما تستولي على الجماهير. وهنا أيضاً سيظهر الكثير من المفسرين، وسيتكاثرون كالفطر، ولكن تبقى المهمة هي التغيير.

معلومات إضافية

العدد رقم:
992