النحت الفرعوني من سِنّ الفيل إلى الخشب
لم ينته النحت الفرعوني بانتهاء العصور القديمة، بل زاد الاهتمام بالتراث المصري القديم في العصر الحديث.
وانتعشت فنون النحت الفرعوني في مصر التي تنتج أعمالاً تاريخية قديمة منذ زمن الفراعنة، في الأقصر وأسوان وخان الخليلي في منطقة الحسين في القاهرة والغردقة وشرم الشيخ وأسيوط.
ازدهرت تلك الفنون بشكل كبير في السبعينيات والثمانينيات في أوقات الرّواج السياحي، وأنتج النحاتون المصريون نسخاً لأغلب التماثيل القديمة التي عثر عليها في عمليات التنقيب، كما قلّد النحاتون أدوات المعيشة اليومية من أوانٍ وغيرها، وكذلك وسائل التنقل من السفن والعربات الحربية وأدوات الحرب ووسائل التنقل العادية.
استخدم النحاتون العديد من الخامات التي تنوعت بين البازلت والعاج وسِنّ الفيل والعظام وصولاً إلى الخشب، وفي كل مرحلة حاول النحاتون المصريون التعامل مع المتاح والأرخص، واستمر العمل بالعاج لسنوات إلى أن أصبح نادراً وغالي الثمن، ثم كان سن الفيل من البلاد الإفريقية وكان رائجاً، إلى أن تنبهت الدول إلى أن هذا الأمر قد يقضي على الفيلة ومنعت تلك التجارة، وهنا اتجه النحاتون إلى مواد متوفرة، مثل: عظام الجمل ثم الخشب.
أنشأ رواد الفن المصري القديم العديد من الجمعيات، وتأسست الورش التي وفرت المواد الخام وأشرفت على الإنتاج، بحيث تبدو المنحوتات الحديثة أكثر دقة وتتشابه بشكل كبير مع النماذج الفرعونية الأصلية، وإن كانت تختلف عنها في نوع الخامات المستخدمة.
جمعت هذه الورش الفنية المتدربين الصغار، وصقلت مواهبهم خلال سنوات من العمل من أجل اتقان فن النحت، وأصبح هؤلاء الصغار نحاتين مشهورين بعد سنوات. وبدأت أولى عمليات النحت في المنازل وتحولت إلى ورش صغيرة بعد فترة، ثم ازدهر النحت الفرعوني في مصر لفترة قبل أن يبدأ بالتراجع خلال العقد الأخير، بسبب حلول الصناعة الحديثة محلها «صب القوالب» وكثرة الإنتاج وانخفاض الأسعار، فتحول النحاتون إلى أعمال أخرى. وبقي النحت الفرعوني كهواية فقط. ومن أشهر المنحوتات الفرعونية الحديثة التي لم يصبها التراجع «الشطرنج الفرعوني».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 963