رائحة الحبر الأخيرة

رائحة الحبر الأخيرة

صورة فوتوغرافية تعود إلى الخمسينات في قطار نقل داخلي، يقرأ جميع الركاب صحفاً ورقية لتمضية الوقت. صورة فوتوغرافية في نفس المكان عام 2016، ولكن اختلف القطار، وقرأ الركاب من أجهزة الموبايل لتمضية الوقت بدل الصحف والجرائد. فهل تودع البشرية رائحة الحبر المطبوع؟

تعلن صحيفة ما كل فترة عن توقف إصدار النسخ الورقية والتحول إلى النشر الرقمي. لكل صحيفة سبب دفعها إلى اتخاذ هذا القرار، ولبعضها الأسباب نفسها.
تطور هائل في وسائل الإعلام، انتشار كبير لوسائل التواصل الاجتماعي والصحافة الرقمية، الأزمة المالية وانخفاض المبيعات، عدم القدرة على دفع الأجور، وغير ذلك من الأسباب التي تتحكم بمثل هذا القرار. وهناك سبب آخر قد يفرض حضوره أحياناً: الهزيمة السياسية_ الإعلامية للصحيفة.
كان انخفاض المبيعات وتطور النشر الرقمي ما دفع جريدة «السفير» إلى إيقاف صدور النسخة الورقية، وبدأت «النهار» تتحدث للتحول إلى النشر الرقمي بعد تأخرها 7 أشهر عن دفع مستحقات موظفيها. ونشرت «اللواء» مذكرة تقول: عطفاً على إجراءات التقشف الأخيرة، تقرر فتح باب الاستقالة أمام من لا يستطيع الاستمرار في العمل.
اختفت من الوجود النسخ الورقية لمجلات وصحف عالمية في أوروبا بتأثير التقشف، وبدأ الإعلام يتساءل: هل ماتت الصحافة الورقية؟ هل تنقرض الصحف الورقية عام 2040؟
بينما اختفت نسخ ورقية لصحف عالمية بتأثير التطور الرقمي، مثل: جريدة «أنباء موسكو» لتصبح وكالة أنباء، واندمجت مع صوت روسيا لتأسيس إذاعة سبوتنيك الدولية الرقمية بـ 31 لغة. أما عن توقف الإصدار الدولي لجريدة «الحياة» منذ يومين، فهو بسبب التقشف المالي والهزيمة السياسية للأدوات الإنكليزية.
عندما ظهرت الإذاعة، قالوا: إن الجريدة ستموت، ولكن تقسيم العمل حدد دور الجريدة والإذاعة. وعند ظهور التلفاز، تحدثوا عن موت الجريدة والإذاعة، ولكن تقسيم العمل حدد مرة أخرى دور كل منها. ومع انتشار الإنترنيت تحدثوا عن موت الجريدة والإذاعة والتلفاز، بينما تحدد دور كل منها.