جدال العاجزين البيزنطي
يدور جدال ساخن على منصات التواصل الاجتماعي، وفي المقاهي والجامعات ووسائل الإعلام وغيرها، حول قضايا مصيرية مهمة. ينقسم المتجادلون إلى فريقين شكلاً، ويتحدون في فريق واحد في المحتوى هو فريق العاجزين البيزنطي، تعالوا نتعرف إليهم حيث سيماهم ليست في وجوههم!
قرر قسم من الفريق التصدي للمهام العاجلة التي تواجه الشعب والبلاد، وقالوا في العلن: سبب مصائبنا هو التخلي عن حضارتنا القديمة. واضعين برنامج عمل للعودة إلى الخلف، غارقين في أسر الماضي، متغافلين عن مهام الحاضر، مطلقين نيراناً كثيفة على الحضارة الحديثة، رافعين الحنين إلى الماضي كبرنامج سياسي وفكري وثقافي.
صمم القسم الآخر من الفريق على التصدي للمهام العاجلة التي تواجه الشعب والبلاد، وقالوا في العلن: سبب مصائبنا هو حضارتنا القديمة، لذلك يجب التخلي عنها وتبني الحضارة الحديثة للغرب العملاق، مطالبين الشعب بالسير وراء شعور النقص تجاه الغرب، مطلقين نيراناً كثيفة على التراث، رافعين التبعية كبرنامج عمل سياسي وفكري وثقافي.
لا يترك هؤلاء مساحة تعبير عن الرأي إلا ويتناطحون فيها كالديكة والثيران، ويبدو للجمهور أنهما على خلاف ومعارضة كبيرة، وإذ يعلن الاثنان امتلاك الحقيقة المطلقة ونفيها عن الآخر، يبدعان أيضاً في كيل كل اللوم على الشعب الضائع بينهما.
كلّا أيها السادة، لا خلاف بينهم، الأول: يدعو إلى إغراق البلاد في التخلف، والثاني: يدعو إلى التبعية والاستلاب الغربي. يعجز الاثنان فرادى أو مجتمعين عن التصدي للمهام التي تواجه الشعب والبلاد. ويلصق الاثنان عجزهما التاريخي بالشعب والبلاد، في محاولة للهروب من استحقاقات الحاضر أو التغافل عنها.
بين ثنائية التخلف والتبعية لفريق الجدال البيزنطي العاجز، تقف إرادة الشعب شامخة، تتصدى للمهام التي تواجه البلاد، وتبدد أوهام العاجزين، بل وتعلن بدء المسير إلى الأمام، وترفع مهمة التغيير كبرنامج سياسي وفكري وثقافي كما تقول أغنية للشيخ إمام: «أنا الشعب ماشي وعارف طريقي».