صورة الأب في السينما
كيف تعرض السينما العالمية صورة «الأب»؟ وكيف تعكس بالتالي مفهوم العائلة في الأفلام السينمائية؟ تختلف صورة الأب باختلاف المدارس السينمائية والفكرية والجهات الممولة، ويمكننا اختيار ثلاث مدارس سينمائية عملاقة لمقارنة صورة الأب، وبالتالي مفهوم العائلة بين هذه المدارس.
يتعرض فيلم «The Hangover» الأمريكي في مختلف أجزائه بشكل قاسٍ إلى صورة الأب، أقل ما يقال عنه: أنه بعيد عن المشاعر الإنسانية التي تعلمها الناس. يصور الفيلم حياة أغنياء كسالى في إحدى الولايات، ويبدو شيئاً طبيعياً في الفيلم، أن يتسبب أحد الأبناء بموت الأب عن قصد، ويسخر آخر بشكل لا أخلاقي منه، بينما تقول أخرى لوالدتها: لست بحاجة إليك، ولا أحد يريدك في هذه الحياة. الفيلم مليء بالغرور والفردانية والأنانية، تحت اسم الحلم الأمريكي أو نمط الحياة الأمريكية.
تعرض القناة العربية لتلفزيون الصين الدولية، أفلاماً صينية مترجمة إلى العربية، يحرص الصينيون على إظهار الاحترام للأب والأسلاف على حدٍ سواء، من خلال مختلف المناسبات الاجتماعية، في تقاليد تعود إلى مختلف تيارات الفلسفة الصينية، حتى العصر الحديث. ويبدو احترام العائلة في أعلى درجاته في السينما الصينية وتتناقض صورة الأب فيها مع صورته في السينما الأمريكية.
من أشهر الأفلام السينمائية الروسية التي تعرض صورة الأب: فيلم العودة 2004 للمخرج أندري زفياغنسيف، عندما يواجه شقيقان صغيران في السهول الروسية مجموعة من المشاعر الجديدة المتضاربة على إثر عودة الأب بعد غياب طويل، وهو رجل عرفه الصغيران من خلال صورة واحدة معلقة على الجدار، وشاهداه لأول مرة بعد 12 عاماً في فيلم اجتماعي مليء بالصراع الدرامي لتصوير القضايا الاجتماعية.
يزخر التراث السوفييتي من جهة أخرى، بأفلام سينمائية عن صورة الأب المكافح من أجل عائلته، والأب الذي فقد ابنه الوحيد في الحرب الوطنية العظمى دفاعاً عن الوطن الأم، والأب الذي يشكل مجموعة مقاومة مع أبنائه الثلاثة، ويذهبون طوعاً إلى الجبهة، للقتال ضد النازيين وغيرها من الصور.
هوليود وحدها من تشوه صورة الأب في الأعمال السينمائية، عبر إظهاره كشخص بلا قيمة وتعبه في تربية ابنائه لا يساوي شيئاً. بينما احترمت السينما الصينية الروسية الأب والعائلة.