البديل السينمائي القادم من الشرق!
السينما إعلامياً، لغة من لغات التواصل بين الناس، وواحدة من الجسور الحضارية بين الشعوب. أما السينمائي الناجح من يستطيع تلمس آلام الشعوب بعدة لغات، من يجيد التعبير السينمائي عن آلام الناس بعدة لغات.
يعتبر السينمائي السوفييتي هامو بيكنازاريان «1892-1965» مؤسساً لنوع من السينما الواقعية، التي لا يمكن إطلاق أي اسم عليها سوى أنها: سينما شعوب الشرق، كما يعتبر بيكنازاريان إلى جانب المخرج سيرغي إيزنشتاين مؤسس المونتاج، أحد أهم محطات التراث السينمائي في الاتحاد السوفييتي الذي تبلور في عهد ستالين.
أسس بيكنازاريان السينما الروائية الأرمنية في فيلم «الشرف 1925» والسينما الجورجية، في فيلم «قضية مقتل ميكلافادزه» وأحد الوجوه الأولى للسينما الروسية.
إضافة إلى ذلك، كان السينمائي الأول الذي صور الصراع الطبقي في حياة الشعوب، ووظف التراث بشكل متقن خلال ذلك، مثل: فيلم الملك داود عن نبيل أرمني، وقائد انتفاضة الفلاحين ضد الاقطاع في جبال أرمينيا في القرن التاسع عشر، وفيلم خاسبوش عن الصراع الطبقي وحياة الفقراء في إيران، مع توظيف التراث الفارسي أيضاً.
أما فيلمه الروائي الثاني «زري 1926» الذي يصور حياة الرحل والرعاة في جبال آلاغوز والصراع مع الإقطاعيين عشية ثورة أكتوبر، وظف فيه قصة حب من التراث الكردي حدثت عام 1915 في عمل روائي ضخم شارك فيه 500 ممثل وفنان ومخرج ومصور من الاتحاد السوفييتي.
في العام 1970 أنجز وزير الزراعة في أرمينيا السوفييتية، وبطل معركة برلين، الأديب سيابند سيابندوف إدخال الأصوات باللغة الكردية على الفيلم الصامت، واعتبر رمزياً، الفيلم السينمائي الكردي الأول. وفي العام 2016 افتتح الفيلم مهرجان المشمش الذهبي الثالث عشر للسينما الأوروبية البعيدة عن الهوليودية في العاصمة الأرمنية يريفان، بمناسبة الذكرى التسعين لتصوير الفيلم.
رغم أن معظم أفلام بيكنازاريان هي أفلام صامتة، لكنها مليئة بالدراما والفوتوغرافيا، والصراع السينمائي، وصور من حياة الناس البسطاء، مما أضفى طابعاً قريباً من الناس على أعماله.
نستطيع تتبع هذا الشكل من التراث السينمائي العالمي في القرن العشرين كله، ويمكن الاستناد إليه في بلورة بدائل سينمائية بعيدة عن الهيمنة الهوليودية الأمريكية، كما نستطيع تتبع ولادة هذه البدائل بشكلها الأولي في روسيا والصين والهند.