نحن أبناؤك الطيبون
يقول في قصيدته «سورية»:
«يا سورية الجميلة السعيدة، كمدفأة في كانون، يا سورية التعيسة، كعظمة بين أسنان كلب، يا سورية القاسية، كمشرط في يد جرَّاح، نحن أبناؤك الطيِّبون، الذين أكلنا خبزك وزيتونك وسياطك، أبدًا سنقودك إلى الينابيع، أبدًا سنجفِّف دمك بأصابعنا الخضراء، ودموعك بشفاهنا اليابسة، أبدًا سنشقّ أمامك الدروب، ولن نتركك تضيعين يا سورية، كأغنية في صحراء».
توفي صاحب الكلمات، الشاعر رياض الصالح الحسين يوم السبت 21 تشرين 1982 في مشفى المواساة عن عمر ناهز الثامنة والعشرين عاماً، توفي في المشفى نفسه الذي أصيب فيهِ بالصمم عام 1967. نعته جريدة تشرين بتاريخ 22 تشرين الثاني وشيع إلى مثواه الأخيرة في بلدة مارع بحلب.
ولد رياض الصالح الحسين في مدينة درعا لأب موظف من ناحية مارع بمحافظة حلب عام 1954، منعه الصم والبكم من إكمال دراسته، فدأب على تثقيف نفسه بنفسه اضطر إلى ممارسة العمل مبكرًا، كعامل وموظف وصحفي، وعانى من مشكلة البطالة لفترات.
نشر قصائده الأولى في الصحف السورية منتصف السبعينات «1976»، له أربع مجموعات شعرية: «أساطير يومية 1979» و«خراب الدورة الدموية 1981» و«بسيط كالماء واضح كطلقة مسدس 1982»، أنتهى من إعداد مجموعته الرابعة «وعل في الغابة» قبيل وفاته بفترة قصيرة عام 1982.
يعتبر رياض الصالح الحسين من أهم شعراء قصيدة النثر في سوريا والعالم العربي، امتاز شعره بالوضوح العميق والبساطة المرهفة والإخلاص الشديد للحالة التي يعبر عنها، استمد مادته من الواقع اليومي المعاش.
كتبت إحدى الصحف في نعوته: «كان يساعد قراءه من خلال إضاءات موهبته على اكتشاف جوهر الواقع والقوانين التي تحركه»، لذلك كان رحيل هذا الشاعر السوري خسارة كبرى للأدب في سورية والعالم العربي.
كتب في إحدى قصائده قائلاً:
«كَانا اثنينِ، يَمشيانِ معاً، في الشوارعِ المَهجُورة، منهُ تفوحُ رائحةُ التبغ، ومنها تتساقطُ أوراقُ الليمون، وعندَ المُنعطف، كنجمتينِ، سَقطا. كانا اثنين، أحدهُما يُغنِّي، والآخرُ يُحبُّ الإصغَاء، فجأة، توقفَ عن هذا، وتوقفت عن ذاك، عندما انكسَر المِزمَار. كَانا اثنينِ، أهدتهُ قلماً للكتابة، وأهداها حِذاءً خفيفاً للنزهات، بالقلم كتبَ لهَا: وداعًا، وبالحِذاءِ الخفِيف، جَاءت لتوَدِّعُه»
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 837