أوراق أكتوبر تنبض بالحياة
ما الفائدة من العودة إلى الدفاتر الثقافية القديمة ونبش الأوراق الصفراء للماضي؟ البعض يعود للتغني بالأمجاد، فاقداً بوصلة مهام اليوم، والبعض الآخر يعود إليها في محاولة نسف التاريخ الموضوعي للبشرية!
هكذا تعامل «مثقفو النخبة» مع الذكرى المئوية لثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى 1917 بغض النظر عن الانتماءات الشكلية الحالية لهؤلاء، فهم ينتمون إلى تيارين يسودان الثقافة العالمية منذ ثلاثة عقود.
كذلك الحال مع تاريخ الحركة الثقافية السورية، التي تسلل إليها ممثلو التيارين السابقين، وبغض النظر عن الأسماء التي تطلق عليهما، يمكن اعتبارهما ممثلي ثقافة عصر الهبوط السياسي والانحطاط الفكري.
لذلك نستطيع ملاحظة نوعين من الثقافة في سورية خلال القرن العشرين، نوع لعب ممثلوه دوراً مهماً في حياة البلاد متزامناً مع النهوض الوطني حتى نهاية الخمسينات، واستمر عبر بعض ممثليه حتى التسعينات. امتاز هذا الخط بالكتابة عن حياة الناس وآلامهم.
النوع الثاني: بدأ بالظهور نهاية الخمسينات، وأصبح سائداً اليوم فيما عرف ممثلوه باسم «مثقفي النخبة» المنفصلين عن الناس، وبالتالي المنفصلين عن حركة الواقع. ارتبط هذا النوع مع الهبوط العالمي والداخلي سياسياً واقتصادياً وبالتالي ارتبط بالهبوط في الحركة الثقافية العالمية والسورية أيضاً.
إذاً، هما مرحلتان مضتا مقسمتين الخط الزمني للحركة الثقافية السورية في القرن العشرين إلى قسمين. تركت مرحلتا الصعود والهبوط إرثهما الثقافي، وكذلك تركت المرحلتان التأثير الإيجابي للأولى والسلبي للثانية.
إن إرث مرحلة الهبوط يموت اليوم في هذه المرحلة من القرن الواحد والعشرين، وفي الوقت نفسه، تتبلور مرحلة صعود جديد تستعد لترك تأثيرها في الحياة الثقافية السورية.
تستند المرحلة الجديدة إلى تجربة الحركة الثقافية السورية، التي ارتبطت بمصالح الناس وحياتهم اليومية بداية القرن العشرين، كذلك تستند إلى التراث الثقافي والإنجازات الكبرى للبشرية في القرن الماضي، وتستلهم مرحلة الصعود الثقافي الجديدة تجربة الماضي، وتمضي بخطى واثقة نحو تجربة جديدة متطابقة مع حركة الواقع الموضوعي، وبعيداً عن مثقفي النخبة والأغنية الليبرالية، وشعراء الفردانية وكتاب العولمة الأمريكية. الواقع يقول: لا يمكن منع فكرة حان وقتها.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 836