حبّي الأزرق.. الحب من وجهة قلب أديت بياف

هناك بعض قصص الحب التي نالت شهرة جعلتها معروفة للجميع. واستمرت عبر الزمن لتغدو أقرب إلى الأساطير. ومن تلك القصص قصة الحب التي عاشتها المغنية الشهيرة أديت بياف، مع الملاكم مارسيل سيردان الذي توفي بحادث طائرة عام 1949.

نحن الآن، في عام 1951، حيث كانت أديت بياف، تبلغ السادسة والثلاثين من العمر. وكانت عندها نجمة متألقة في عالم الغناء والشهرة. لكن قلبها كان محطماً، فالرجل الذي أحبته حتى النهاية، أي الملاكم مارسيل ساردان، كان قد رحل عن عالمنا قبل عامين. وفي مثل ذلك السياق، التقت أديت بياف برياضي آخر، هو بطل سباق الدراجات لويس جيراردان. ولقد كان متزوجاً، لكن قلب الفنانة وقع في شباك الحب، ومعروف عنها أنها كانت من طبيعة تجعلها لا تستطيع مقاومة عواطفها.

وتقول بياف في إحدى رسائلها للويس جيراردان: «يا معبودي». وجاء في جملة أخرى: «هل يمكن للإنسان أن يحبّ بهذه القوة». وفي ثالثة: «أنت، أنت، أنت». ونقرأ في رسالة تعود إلى تاريخ 25 كانون الثاني من عام 1951، ما مفاده: «سترى ماذا أستطيع أن أفعل، إنني سأفعل المعجزات، ولم يمكنك أن تتصوّر ما أنا قادرة على فعله. كانت هناك جان دارك (...). لكنها قاتلت حباً بالحرب، أما أنا فأعيش من أجل أن أحبك».

وفي مطلع شهر شباط من عام 1952، كتبت أديت بياف إلى لويس جيراردان، رسالة طالبته فيها أن يتخلّى عن زوجته. لكن مرّت الأسابيع دون أن يفعل شيئاً ولم ينفصل عن شريكة حياته. وعلى العكس، بدا أنه يريد الهروب. مع ذلك أظهرت تعلقها الكبير به. وتقول في إحدى رسائلها له: «هل أنت سعيد حقاً؟ ألست آسفاً على شيء؟ هل قدمت لك كل ما كنت تأمله؟ ألم يخب أملك؟ بالنسبة لي أعطيتني كل شيء. أعطيتني رغبة عيش الحياة، وضمّدت جرحاً عميقاً غائراً في صدري (...) لقد أعدت لي ثقتي بنفسي (...)، أسعدت مساء يا حبي الأزرق».

يبدو من هذه الرسائل أن أديت بياف أطلقت على لويس جيراردان لقب «الحب الأزرق». ذلك بلون الأمل الذي فتحه أمامها: «بفضلك غدا مستقبلي أزرق، وماذا كان يمكنه أن يكون من دونك (...). لقد كنت أمشي نحو الكارثة وقد أنقذني في اللحظة المناسبة (...). ولقد أقسمت (...) أنني سأطيعك من دون نقاش، وأنني لك أمام السماء (...) ولن أقدم على خيانتك، لا أخلاقياً ولا جسدياً. أفكر بك باستمرار. صوتك ويداك وعيناك وجلدك، وطريقة كلامك وضحكتك ورائحتك وحركاتك، وردود أفعالك وطريقة حياتك وتفكيرك. وكل ما تفعل أراه رائعاً».

الرسائل التي يتضمنها هذا الكتاب محررة، كما يدل تاريخها، بين 15 تشرين الأول 1951 و18 تشرين الأول 1952. يبلغ عددها 54 رسالة حب وبطاقة بريدية ورسالتين برقيتين. وهي موقعة من كاتبتها حسب مزاج اللحظة كما يدل تزيينها بتعابير، مثل: «أنت أنا» و«سيدي المعبود» و«حبي الأزرق» و«البائسة أنا» و«ملكتك».

وهذه الرسائل التي يتم نشرها للمرة الأولى، تتحدث فيها أديت بياف، عن أحلامها ومشاريعها. ولكن أيضاً عن أشكال قلقها العميق حيال ذلك الحب الذي كانت تعيش باستمرار الإحساس بأنه عابر. وهي تذكر فيها مرات عديدة، أغنيات لها وأشخاصاً كانوا قريبين منها، وفي عدادهم شارل ازنافور الذي كان يقوم بدور سكرتير. إنها تتحدث في إحدى رسائلها عن أغنيتين لها:

غنّيت هذا المساء، أكثر زرقة من عينيك. وتضيف: «أتخيلك أمامي». وتشير بياف في إحدى رسائلها إلى أنها شطبت الماضي كله، وأنها تريد أن تنطلق في حياتها من جديد مع «حبّها الأزرق». ومما تكتبه له: «سترى كم سأمتثل لما تأمر فيه. فأكون حقيقة امرأتك. وستكون لك جميع الحقوق علي (...)». لكن رغم حرصها الكبير على أن تصبح زوجة بطل سباق الدراجات، فإنها تعترف في إحدى رسائلها الأخيرة له: «إذا كنت أريد الاحتفاظ بك، فذلك لمعرفتي دائماً أن قصتنا ستنتهي ذات يوم (...). لكنني أعترف لك بفضل دافعي للاعتقاد أنني أستطيع أن أكون امرأة كبقية النساء، وأن أحلم بالسعادة».

وفي رسالة من نيويورك، تعود لتاريخ 18 أيلول 1952، تكتب أديت بياف للويس جيراردان: «عندما تصلك هذه الرسالة سأكون قد تزوجت. وعلي أن أكون مستقيمة حيال جاك المغني جاك بيلس الذي تزوجته في شهر تموز - عام 1952- إنني أفعل ذلك بطيبة خاطر، وسعيدة بذلك».

وتضيف: «لقد أخطرتك ألف مرة، أنك ستخسرني ولم تتحرك أبداً. وما كان يُفترض أن يحصل ما قد حصل (...). أعترف أنني أحب جاك. ولا أريد إطالة الحديث عن هذا الموضوع وعنّا، إذاً ماذا يمكننا أن نفعل أمام الحقيقة؟ (...) أتمنى من كل قلبي أن أبقى صديقتك (...) وثق أنه يمكنك أن تعتمد علي بكل الظروف. وللمرة الأخيرة أوقع: صغيرتك». هذه الرسائل تم بيعها بالمزاد العلني، ولكن بقيت هوية بائعها، «سراً».

معلومات إضافية

العدد رقم:
543