فنجان قهوة: التنميط.. أم ثقافة القطيع
لم تعد كلمة الاختلاف هذه الأيام تعني أي شيء، التشابه والتنميط بات هو السمة والموضة العامة لكل ما نراه حولنا بالرغم من التنوع الحاصل الذي نستطيع مشاهدته على السطح إلاّ أن التشابه يبقى السمة السائدة كطابع واحد يحرق كل شيء حولنا، في الوقت الذي بدأنا نشهد فيه كل شيء من الماضي يتآكل ويذوب بهدوء ويمحي في طريقه حتى الذاكرة الشخصية، لتتحول حتى الذاكرة إلى نمط متشابه في كل شيء.
اكتناز الجسد المحشور في سراويل الجينز في جميع شوارع دمشق بنفس الطريقة، نظارات شمسية متشابهة، تسريحة الشعر، تي شيرت متشابه للجميع عليه ذات الصور مع اختلافها وتنوعها الشديد إلاّ أنها لا تحيل إلاّ إلى نمط معين والذائقة الجمالية ذاتها، طريقة المشي، لوحات إعلان، صحف متشابهة، قصائد داخل هذه الصحف متشابهة وركيكة، أغلفة كتب متشابهة، وكتابات متشابهة، حتى الأحلام باتت متشابهة، ليتحول حلم المواطن إلى سيارة سكودا وبيت في الضواحي وبعض الأدوات الكهربائية، ربما هو حلم يشبه الحلم الأمريكي لكن على الطريقة السورية.
ما معنى الاختلاف، ثقافة الاختلاف، هي توليد لكل جديد هي كسر لحالة التنميط، إلاّ أن السرعة والعشوائية التي باتت تدوس كل شيء لم تعد تسمح إلاّ بالتشابه في كل شيء نمط يسود الجميع حتى النظرات، حتى اللحى التي تلف الوجوه... والمخيلة الفردية والجماعية تعلن إفلاسها، بتنا نرى حتى في القتل نمطاً .. نمطاً لماذا... نمط للثقافة الجديدة الثقافة التي تقوم على تطبيع كل شيء بنفس العلامة التجارية، أما ذلك الذي يريد أن يكون مختلفاً، متفرداً.. فمكسبه الوحيد هو.. أن يكون مختلفاً ومتفرداً في هذا العالم النمط، لعله يكسر بقصيدة أو رواية أو حتى خاطرة ثقافة القطيع.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 180