عمرو سواح عمرو سواح

إحراق الأوراق الثقافية: سد زيزون الثقافي

بعد انهيار سد زيزون مباشرة، راح الكثير من الأشخاص يتخوفون من انهيارات مماثلة في عدد من الأبنية والصروح والقطاعات السورية المختلفة، وأطلقت العديد من النداءات  للحؤول دون الحصول على عدد آخر من السدود المنهارة ليصبح لدينا سد زيزون اقتصادي، سد زيزون صحي، سد زيزون اتصالاتي، سد زيزون كهربائي، سد زيزون تعليمي وتربوي، سد زيزون زراعي، سد زيزون صحافي  السد الذي غطى خبر انهيار سد زيزون الأصلي بعد ساعات طويلة من تغطيته من كل وسائل الإعلام العربية، سد زيزون أخلاقي وغيرها من السدود التي بحاجة إلى ترميم عاجل.

لكن المتابع للسيناريو الذي أوصل سد زيزون إلى الحالة التي هو عليها- وهي عدم وجود سد-  يعرف تماماً أن هذه النداءات لن توصل لأي نتيجة.

ويتساءل البعض في هذه الأيام، أمازال سد زيزون الثقافي صامداً، أم أنه في طريقه إلى السقوط، وأستطيع أن أرى في هذه العبارة الكثير من التفاؤل، فسد زيزون الثقافي قد انهار منذ زمن طويل، مع سبق الإصرار والترصد، انهار تماماً ونستطيع أن نشاهد  ضحايا سد زيزون الثقافي، في أي قاعة للمحاضرات أو على صفحات العديد من الصحف والمجلات الثقافية وغير الثقافية، وإذا كان أحدنا انتظر قتلى حقيقيين وجرحى حقيقيين وراء انهيار سد زيزون الثقافي، فإن هذا ليس ببعيد جداً، فقد  قرأت منذ فترة مجموعة من القصائد التي أدت إلى تسمم حاد في الذائقة الفنية التي تستطيع أن تودي بأكثر القراء صلابة قتيلاً أو تعطبه إبداعياً إلى عشر سنوات على الأقل، وشاهدت برنامجاً ثقافياً على شاشة التلفزيون أدى إلى حروق حادة من الدرجة الثالثة في بؤبؤ العين، وشاهدت مسرحية تؤدي إلى اضطرابات معوية، وقرأت مقالاً نقدياً يستطيع أن يؤدي إلى ثلاث ساعات من الهذيان دون الوصول إلى نتائج.

أما المساعدات الكويتية فلا تتوقف على المساعدات الغذائية والطبية التي تأتي لمنكوبي سد زيزون بل طالت سد زيزون الثقافي فها هي مجلة عالم المعرفة، وسلسلة أعلام ومشاهير وغيرها من الكتب التي تأتينا من هناك كمساعدات من نوع آخر، خشية على ضحايا سد زيزون الثقافي من ألا يجدوا كتاباً آخر يتفيؤون فيه بينما تجد لهم الدولة ملاذاً جديداً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
178