الذكرى الـ  15  لاستشهاد حسين مروة «ولدت شيخاً وأموت طفلاً«!

جئتكم ببيروت وفلسطين اللتين دمشق قلبهما، ودمشق سيفهما، ودمشق خط النار الأول لمعركتهما التي لن تنطفئ حتى النصر الأعظم..

* حسين مروة

 تصادف في 17 من الشهر المنصرم الذكرى الـ 15 على استشهاد المفكر والمناضل الشيوعي حسين مروة، الذي اغتالته الأيدي الظلامية المجرمة  في منزله ببيروت.. وقد اعتبر يوم استشهاده يوماً للمثقف العربي..

وتخليداً لذكري الشهيد، ننشر فيما يلي نص الكلمة التي كان من المفترض أن يلقيها في جامعة دمشق، في مهرجان تضامني مع الانتفاضة الفلسطينية البطلة.. ولم تمهله رصاصات الغدر.. وجاء الى دمشق ليوارى الثرى فيها..

جئتكم بفلسطين ودمي!

جئتكم إلى هذا اللقاء العزيز بدمي الذي تسكنه فلسطين.

جئتكم بفلسطين التي تسكن دمي.

جئتكم بفلسطين ودمي اللذين أشعلا معاً فرح طفولتي وشبابي، وأوقدا معاً نار طموحي وكفاحي، وصاغا معاً صورة حلمي وقضيتي، أعني حلم شعبي وقضية وطني.

جئتكم ببيروت التي فلسطين أعمق معناها وأجمل معناها أبداً.

جئتكم بفلسطين التي بيروت خيمتها ونجمتها أبداً.

جئتكم ببيروت وفلسطين اللتين دمشق قلبهما، ودمشق سيفهما، ودمشق خط النار الأول لمعركتهما التي لن تنطفئ حتى النصر الأعظم.

أيها الكتاب الحاملون اسم فلسطين..

أنا أيضاً أحمل اسمها الأجمل: فلسطين الأرض، الوطن، الذاكرة، الناس، الحياة، الثقافة، والتراب الطهور الذي لا بد أن نغسله من دنس تلوث به: أكان الدنس احتلالاً واغتصاباً واستلاباً واستيطاناً من شراذم العنصريين والنازيين الجدد: الصهاينة، أم كان الدنس عقوقاً وخيانة من شراذم العرب الانتهازيين والرجعيين والانحرافيين والاستسلاميين..

أنا أيضاً أحمل اسمها الأقدس: فلسطين الثورة، القضية، الحلم، وفلسطين الشهداء..

أحمل جل أسمائها الحسنى.

أحمل تفاصيل أسمائها الأليفة: أحملها بدمي عيشاً يومياً وعلاقات حميمة، في الطفولة، مع أشياء حيفا وعكا ويافا وأشياء الزيب والبصة والفولة والعفولة وأشياء صفد وطبريا: وأحملها بدمي، في شباب العمر وشيخوخته، حباً وانتماءً وطنياً وقومياً وارتباطاً بالأرض والتاريخ والقضية: قضية وطني وشعبي وأمتي، أي قضية الحق لشعبنا العربي الفلسطيني أن يكون له وطن، وأن يكون وطنه فلسطين، وأن تكون فلسطينه وطناً حراً مستقلاً سيداً لأقداره ومصائره.

تلك هي قضيتنا معاً.

تختلف الأسماء والعناوين: تختلف جغرافيا الأشياء وجغرافيا الأقطار وجغرافيا العواصم.. تختلف الكلمات وظلال الكلمات.. لكن القضية تلك تبقى هي نفسها القضية. لا تقبل اختلافاً، لا تقبل قسمة ولاتعدداً.

نقول قضية فلسطين، ولا ضير أن يكون المعنى قضية لبنان وأي قطر عربي آخر وبالعكس..

ونقول المقاومة الوطنية اللبنانية ولا ضير أن يكون المعنى هو المقاومة الوطنية الفلسطينية وبالعكس.

القضية هي القضية لأن معناها واحد.. لأن مضمونها هنا هو مضمونها هناك.. لا يقولن أحد أننا نلغي الخصوصيات الوطنية، أو القطرية، وإننا نقول بالتماثل..

لا ... الخصوصيات لا تلغى بإرادة أحد، والتماثل مستحيل.. لكن قضية التحرر الوطني العربية هي قضية كل قطر عربي بالمطلق.

لكن قضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي هي قضية كل جزء في خارطة الأرض العربية بالمطلق.

لكن قضية تحرير فلسطين هي القضية الأساس لكفاح كل المناضلين العرب بالمطلق.

 

لكن التناقض بين مطامح القومية العربية التقدمية ككل ومطامح الإمبريالية الأمريكية وإسرائيل، هو قضية بذاتها تصنعها ظروف مرحلتنا التاريخية الحاضرة أمام الوعي العربي، أي أنها قضية يجب أن يغرق في أعماقها كل تناقض عربي داخلي بالمطلق. 

معلومات إضافية

العدد رقم:
170