دردشات.. من وحي الذكرى الثمانين

قريباً تطل الذكرى الثمانون لتأسيس حزبنا الشيوعي السوري المجيد، ثمانون عاماً سلك الشيوعيون ـ أكثر من نصفها ـ طريقاً شاقاً وعرة، بنضال صلب عنيد، وهم يرفعون عالياً راية النضال الوطني، ويبذرون الأفكار التقدمية والتحررية ومبادئ الأممية البروليتارية، يقرنون القول بالعمل، بالنضال الدؤوب في سبيل حرية ومنعة واستقلال الوطن، ومن أجل الحريات الديمقراطية، وحياة أفضل للجماهير الشعبية، وتحملوا في سبيل ذلك، المشقات الجسام، وصمدوا بصلابة في السجون والمعتقلات، في وجه تعذيب الجلادين الوحشي، وقدموا الشهداء قرابين في سبيل أهدافهم الوطنية والاجتماعية والأممية، وأفكار الماركسية اللينينية النيرة.

وبالإضافة إلى نضالاتهم المشهودة في سبيل الاستقلال الوطني، حقق الشيوعيون السوريون،ومساهمين مع القوى التقدمية الأخرى، مكاسب هامة للجماهير الشعبية في ميادين شتى، حتى تجسدت في شعار أصبح واجهة لامعة لوطننا سنوات طوالاً: «إن سورية تسير في طريق التقدم الاجتماعي».

بمقدار فرح الشيوعيين بهذه الذكرى المجيدة، التي تؤكد صمود مبادئهم في وجه الأعاصير المتلاحقة، خلال ثمانين عاماً، من الاضطهادات والدعايات المغرضة والاتهامات الباطلة بما هب ودب... بذلك المقدار وأكثر تنقبض نفوسهم أسفاً وألماً، لما تعانية الحركة الشيوعية في سورية التي يشكل تاريخها جزءاً من تاريخ هذا الشعب والوطن، من تمزق وتشرذم في فصائل متصارعة، حتى بات عدد الشيوعيين خارج التنظيمات، أضعاف أضعاف الأعضاء المنظمين في سائر الفصائل. لذا تلهت الحركة الشيوعية بصراعاتها الداخلية، وأهملت النضال في سبيل مطالب الجماهير الشعبية، التي بدورها انفضت عنها، وانعزلت هي عن الجماهير، وضعف دورها في حياة البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

إن المهمة الكبرى التي يجب أن يستلهمها جميع الشيوعيين السوريين، من هذه الذكرى المجيدة، هي العمل الجاد المخلص من أجل وحدة الحركة الشيوعية في سورية في حزب واحد وحيد، ليستعيد بعضاً من دوره السابق وماضيه المشرف.

وإذا تعذر ذلك ـ لأسباب شتى لامجال للتطرق إليها ـ ففي أضعف الإيمان، يجب التعاون المشترك في النضال القاسي الذي تتطلبه المرحلة التي يمر بها وطننا بإلحاح، لمواجهة أخطار وتهديدات الإمبريالية الأمريكية ـ الصهيونية، بالغزو المرتقب والتي تقترن ـ داخلياً ـ بسعار ونشاط ومساعي جماعة اقتصاد السوق والسوء، التي تتقدم بخطى حثيثة في طريق هيمنتها على اقتصاد البلد، ولاأدل على ذلك من طرح الكثير من مشاريع القطاع العام، للاستثمار أو الاستئجار، التي هي الخصخصة بعينها تحت مسميات أخرى، تشطب وتلغى بعدئذ البقية الباقية من مكاسب الجماهير الشعبية، لأن من يسيطر على اقتصاد البلد يسيطر على سياسته أيضاً ويرسمها.

إن أي فصيل من الحركة الشيوعية، لايدعو جميع الشيوعيين ـ منظمين وتاركين ـ للاشتراك في مبادرات نضالية يقوم بها لمواجهة الأخطار المحدقة باستقلال الوطن وبمكاسب الشعب، أو يمنع قواعده عنها، إنه يغرد خارج السرب.

إن الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي السوري، تدعو جميع الشيوعيين السوريين أينما كانوا إلى تلبية نداء واجباتهم النضالية، الوطنية و التقدمية التي من أجلها انتسبوا اختيارياً إلى الحزب وآمنوا بطروحاته وأفكاره، لأنها هي الغاية والحزب وسيلة ليس إلا.

إن الشيوعيين يساهمون باندفاع، في كل نضال ونشاط وطني وسياسي واجتماعي، كائناً من كان الحزب الوطني القائم به، حتى ولو كان غير ماركسي، فما يمنع الشيوعيين من سائر الفصائل، من الاشتراك معنا في النضال الوطني والاجتماعي والسياسي والديمقراطي، لمواجهة الأخطار الجدية التي تحدق باستقلال الوطن، ومكاسب الشعب؟

 

■ عبدي يوسف عابد

معلومات إضافية

العدد رقم:
231