عائشة عودة عائشة عودة

حول مصطلح ومفهوم «الحركة الأسيرة»

 قبل أيام وأثناء اعتصامنا أمام الصليب الأحمر، تحدث شاب وأنهى حديثه بهتاف «تعيش الحركة الأسيرة». سألت من وقفت إلى جانبي وسبق أن كانت أسيرة: أين يكون فعلك في حركة أسيرة؟ هل تشعرين أن نضالك يصب في حركة أسيرة وتريدين لها الحياة الدائمة؟

مصطلح «الحركة الأسيرة» الذي أستنكره شخصيا، وكنت قد تحدثت عنه في ندوة حول الأسرى في السنة الفائتة، إضافة إلى مصطلحات أخرى نستخدمها دون أن ندققها ونتوقف عند مدلولاتها مثل مصطلح «غرف العصافير» المنتشر كثيرا بدلا من مصطلح غرف العار. هكذا نحصد عكس ما نستهدفه. إذ تصبح حركة نضالنا «أسيرة» ذات مدلول ضبابي ومضيّق للنفس. بينما حركة الخيانة ترتبط ليس بالحركة فحسب وإنما بالطيران والعصافير! والعصفور كائن محبب ويثير رغبة دفينة في النفس البشرية هي التوق إلى الطيران. أي أن التعبير يؤسس لقبوله في الوعي! وهكذا تنفصل لغتنا عن وعينا وأهدافنا، بل وتتعاكس معها تماماً.
قال بعض المناضلين الذين مرّوا بتجربة الأسر؛ إن مصطلح «حركة أسيرة» يماثل مصطلح حركة عمالية وحركة طلابية، فلماذا لا تكون للأسرى حركتهم التي تنسب إليهم، خاصة أن أعداد الأسرى عندنا قد تكون بسعة الحركة العمالية!
هل حقا أن مصطلح «الحركة الأسيرة» في مدلوله يماثل مصطلح «الحركة العمالية» وأنه يدلل على حركة المناضلين من الأسرى؟ إني أطرح المصطلح والمفهوم للنقاش خاصة من اللغويين والمنطقيين.
شخصيا، أرى أن المصطلحين لا يتماثلان أبدا. فالحركة العمالية تتحدث عن حركة العمال أنفسهم. أما مصطلح «الحركة الأسيرة» لا تشير إلى حركة الأسرى، بل تصف حركة لها علاقة بالأسر نفسه وتأخذ صفتها منه لذلك هي حركة أسيرة، أي أن الحركة نفسها أسيرة، وهو تعبير قد يصلح لوصف حركة ما غير قادرة على الفعل. أي تعبر عن الأسر وليس عن الأسرى. وحين نقول حركة أسيرة ونهتف لديمومتها إنما نمجد الأسر وليس الأسرى! فهل يعقل أننا نحن الشعب الذي تكتوي أجياله المتعاقبة من ظلم الأسر، ونناضل ليل نهار لإنهائه من حياتنا، نهتف له بطول البقاء، ونجريه ليل نهار على ألسنة الأجيال دون أن ندرك ذلك؟
أتمنى أن ندير نقاشا جادا حول هذا المصطلح كي لا يجري وينطبع في الوعي بتناقضه مع ما نهدف إليه من تقدير واعتزاز بنضالات الأسرى، وكي نشتق مصطلحا بديلا يعبر بالضبط عما نعني وعما نهدف إليه، لا أن نستسهل المصطلح بغض النظر عما يدلّ.