وكالات وكالات

فيلم إيراني عكس التيار

الملف الإيراني في واشنطن يشغل حيزاً كبيراً من الملاحقات والمتابعات، في الوقت الذي تكرّم فيه هوليوود في الأوسكار الفيلم الإيراني «انفصال». فيلم للمخرج «أصغر فرهادي»، فيلم مميز ومن أفضل الأفلام لهذه السنة. حاز على جوائز كثير وكان أهمها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي وتغلب بذلك على أربعة أفلام أخرى بينها الفيلم الإسرائيلي «ملاحظة هامشية» وهذه أول جائزة أوسكار تذهب إلى إيران عن أفضل فيلم أجنبي. ورغم كل هذا وذاك فإن الفيلم حالياً ممنوع في موطنه، في إيران.
ولمن يهمه الأمر، يتم الآن عرض الفيلم في دمشق في صالة الكندي في مشروع دمر. فيلم يستحق المشاهدة حقاً.

عمل قوي عاطفي، يُفتتح كدراما محلية وينتهي بكونه نظرة قاسية على المجتمع المنقسم بشكل خطير بفعل الدين والطبقية. فيلم يحوي مضموناً سياسياً قوياً لم يفارق الإنسانية الفردية لأي من شخصياته.
يرى النقاد وباحثو الأفلام أن فيلم الانفصال يعمل على عدة مستويات: «كتابته لا تشوبها شائبة، الإخراج رائع، جدّي، فيلم مُقدم بعناية لكنه غير ممل على الإطلاق بل إنه فيلم الجمهور».
في الأساس، الحبكة تدور على النحو التالي: «سيمين»، أم لفتاة في الحادية عشر، مثقفة ومتعلمة (يمثل الدور ابنة المخرج شخصياً)، ترغب بأن تغادر طهران لتؤمن لابنتها حياةً أفضل. أما «نادر»، زوجها، يرفض ذلك ويختار البقاء هناك للاعتناء بأبيه المُسنّ الذي يعاني من الخرف. يصل الاثنان إلى طريق مسدود، وتذهب سيمين للعيش عند أقاربها في طهران بينما تبقى ابنتها عند أبيها وجدّها.
تدخل في الحبكة «رازيا» التي وظفها نادر للاعتناء بوالده. التي تأتي مع ابنتها الصغيرة ودون الحصول على أذن بالعمل من زوجها (غير المتعلم، صانع الأحذية العاطل عن العمل).  «رازيا»  امرأة محافظة وملتزمة دينياً حيث أنه يتوجب عليها أن تتصل بالملا (رجل الدين) لتحصل على إذن بتغيير سراويل العجوز المتسخة. عندما يتبين بأنه لا يمكن الوثوق بها أو الاعتماد عليها، وعندما يأخذ الانفصال بين  «سيمين» و «نادر» أوجه، هذا الوضع المحموم يكون على وضع الاستعداد لإشعال مشاعر الإحباط ويساهم سوء التفاهم بين العائلتين إلى تصعيد الحبكة نحو الدراما.
يصف المخرج «أصغر فرهادي» فيلمه: «قصة بوليسية، لا تحوي محققين،» ومع الجمهور «بالنسبة لحل الألغاز، سيكون عدد الأجوبة متساوياً مع عدد الجمهور.» الشخصيات الأساسية في الفيلم هم النساء، يقول: «قامتا بخيارات مختلفة تماماً في الحياة، محاولات أن يحفظن أنفسهن من الدمار.» لكنه يحذر من رؤية المواجهة بين النساء على أنها الجيدة مقابل السيئة. بدلاً من ذلك، يوضح: «هما رؤيتان متضاربتان للخير.»
الجمهور الغربي، يضيف «فرهادي»: «غالباً ما تكون لديهم صورة مجزأة عن المرأة الإيرانية، حيث يعتقدون بأنها سلبية وملازمة للمنزل وبعيدة عن أي نوع من النشاطات الاجتماعية. من الممكن أن عدداً من النساء في إيران يعشن بهذه الطريقة، لكن بالنسبة لمعظم النساء، فإن لهن وجودهن الهام وفعاليتهن في المجتمع. وعلى نحو صريح أكثر من ذاك عند الرجال رغم القيود التي تفرض عليهن.»
خلافاً لغيره من الأفلام الإيرانية التي وصلت شواطئ الولايات المتحدة، «انفصال» حصل على النقد الهائل والنجاح التجاري الكبير في إيران.